المقالات

طباعة

الزمن قراءة تحليلية موجزة

Posted in الثقافة

 

فالإرادة ذاتية الحركة ومنها يكون الوجود . أما الزمان والمكان فهما وهمّ ليست لهما من حقيقة خارجية، إذ ليس هناك غير حقيقة واحدة وهي الإرادة. وهنا يكون شوبنهاور متفق مع كانت في دحض الزمان والمكان من واقعهما الخارجي، غير أنه حول من العقل إلى الإرادة. ومع ذلك فقد عمل على إنهاء المعضلة الكانتية "الشيء في ذاته".
وحسب رأي شوبنهاور أن" الزمان وذلك القابل للفساد من جميع الأشياء الموجودة في زمن الزمان ذاته هو ببساطة يوصل نحو الصورة التي تحت الإرادة الحية كشيء بذاته خالداً، والذي يكشف لنفسه عبث جهده. أن الزمان هو بفضيلة كل شيء يصبح عدماً عندنا ويفقد جميع القيم الحقيقية"22. فالزمان والمكان ليسا أكثر من نقاب وهمي يخفي عنا وحدة الأشياء في الحياة الواحدة أو الإرادة الواحدة.  
هذا وتشير الفلسفة المادية الحديثة إلى أن الزمان والمكان: هما شكلان من وجود المادة الأزلية. ويتلازمان أبداً مع الواقع الموضوعي. ويكتب فيورباخ عن ذلك قائلاً: "أن الزمان والمكان ليسا مجرد شكلين من الظاهرات بل شرطان جذريان للوجود". أي هما واقعيان موضوعيان في الوجود حيث ليس ثمة شيء يكون له وجود دون المادة. ويضيف: إنهما مظهران لوجود جميع الأشياء، لأن الوجود الذي يحتل مكاناً له يكون هو وحده الوجود الحقيقي.
أن مفهوم فيورباخ قد بلوره كارل ماركس (1818-1883) بعد أن وظف جدلية هيجل ونقلها من المثالية إلى المادية. فالمادة هي علة الوجود الأبدية، وأن الحركة التي تكون فيها هي حركة ذاتية لأنها ناشئة عن إحتوائها على التضاد التناقضي المتصارع فيما بينها داخلياً. ومن جراء هذه التناقضات يدب التطور المادي بشكل ذاتي من حال أسفل إلى حال أعلى، وهي آخذة بذلك لكي تصل في كمالات أرقى تطوراً على ما هي الآن عليه. وتتشعب المادية الجدلية وفق المفهوم الماركسي متجاوزة المفهوم الأرسطي، فالحركة ليست فقط التبدل في المكان وإنما كل ما يكون من تحولات تجري بالمكان في تغيرات جديدة ومتواصلة. وما يخص الزمان والمكان: فهما ليسا أكثر من مظهر مادي في الوجود الواقع الموضوعي. ويمتاز الزمان والمكان في خاصتين أثنتين وهما: الموضوعي واللانهائي.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed