المقالات

طباعة

الزمن قراءة تحليلية موجزة

Posted in الثقافة

 

وبالتالي فأن  الزمان والمكان يقترنان بحركة الجسم ويحدان بحدوده. وهذا يعني أن الوجود متناه الأبعاد ومحدود بمكوناته. غير أن الحركة تختلف بين الأجسام وفق أحجامها من ناحية، والإنتقال بين مسافاتها من ناحية أخرى. فالزمن الأرضي ثلاثة أضعاف الزمن القمري. والسنة الضوئية في القياس الكوني تعادل ملايين السنين من الزمن الشمسي للطبيعة الحية. ولذلك فأن الزمن الذي يذكره القرآن يعني حقيقة هذا الواقع الكوني الجسيم في الوجود. وبذا نقرأ قوله تعالى: "فلا أُقسِمُ بمواقعِ النجومِ وإنهُ لقسمُ لو تعلمونَ عظيمٌ" (75-76: 56).
وعندما ينص القرآن في هذه الآيات قائلاً: "الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيامٍ ثم أستوى على العرش" (32:4). "ولقد خلقنا السمواتِ والأرضَ وما بينهما في ستةِ أيامٍ وما مسَّنا مِن لُغُوبٍ"(50:38). "وهو الذي خلقَ السمواتِ والأرضَ في ستةِ أيامٍ وكان عرشُهُ على الماءِ" (11:7). فأن وقت هذه المدة الزمنية المتثمل "في ستة أيام" هي ليست أكثر من حساب تقريبي للعقل البشري لكي يدرك شيئاً عن عملية الخلق العظيمة والجبارة. وإلا كيف نفهم الجوانب العلمية في وحدة الكون المادية، وأن عمر الكون يزيد عن عشرة مليارات سنة، والأرض أكثر من أربعة مليار سنة الخ. فأين هذه الأزمان من "ستة أيام"؟ ولكي لا ندخل في تفاصل تقسيم هذه "الأيام" وتساويها في عملية الخلق وفق المفهوم الديني، نقول أن الزمن الكوني الذي جاء ذكره بالقرآن يعني لنا إثباتاً جلياً إلى حقائق هذا الخلق الفسيح الذي يمتد بحركة موجوداته المتناهية في حدودها المكانية والزمانية.     
بمعنى آخر، أن الحركة التي يتمدد فيها الكون عبر موجوداته، فإنها تبقى ضمن نطاق المكان والزمان التي تتحدد فيها؛ فهي متناهية بذلك وتستمر بهذا الوضع المحدود. أي مثل تناولنا لصور الأعداد الأصلية من 0، 1، 2 إلى 9، إذ مهما أخذنا بالعدّ والتوسع والإزدياد في الأرقام الحسابية، فأن صور الأعداد الأصلية المحدودة تبقى هي نفسها، لكن نتائج تكرارها يختلف بحسب إستمرارية العدّ. فالوجود هو هكذا، حيث يكون محدوداً بمكوناته مكانياً وزمانياً ومهما أمتدت توسعاته الحركية. 

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed