المقالات

طباعة

شــورى مهببـة

Posted in المجتمع

alazharكان "أبونا نجم" هو حكيم القرية وصاحب الرأي والمشورة فيها , يرجع إليه أهل القرية في كل صغيرة وكبيرة  فهو قادر على حل المعضلات , وكانت آخر مشورة له قبل وفاته حين أتى إليه أهل القرية فقالوا:

يابا نجم .. الجمل دخل دماغه في الزير علشان يشرب ودماغه اتحشرت في الزير مش عايزه تطلع ... نعمل إيه دلوقتي ؟

 

وهنا أطرق "أبونا نجم" طويلا ثم رفع رأسه وقال :

- إن رقبة الجمل مائلة ولذلك لا يمكن أن تخرج الرأس هكذا , فلابد من قطع رقبته حتى يمكن جذب الرأس لأعلى بسهولة من داخل الزير. فذهب أهل القرية وقطعو رقبة الجمل ولكنهم لم يستطيعوا إخراج رأسه من الزير فعادوا إلى أبيهم نجم يسألونه مزيد من المشورة فأطرق طويلا ثم قال :

- لابد من كسر الزير حتى نخرج رأس الجمل ... وفعلا نفذ أهل القرية مشورة "أبيهم نجم" ونجحوا في إخراج رأس الجمل بعد تكسير الزير ...

ومات أبونا نجم بعد هذه المشورة بأيام وافتقد أهل القرية حكمته ورأيه ومشورته , وكانوا مثل اليتامى الحيارى من بعده... وذاع مثل مازال الناس يرددونه حتى الآن في أي موقف يحتاجون فيه إلى المشورة ولا يجدون المشير : "ياويلكم من غير شور أبوكم نجم" .

قفز هذا المثل إلى ذهني وأنا أشاهد مبنى مجلس الشورى يحترق تحت أعيننا وبين أكثر الأماكن حصانة في مصرنا " المحروثة ", وتساءلت في حيرة : كيف ستعيش مصر هذه الأيام بدون مجلس شورتها ...؟ وتركت كلام خبراء الحرائق والأمن والسلامة يقولون ما يقولون حول احتمالات التقصير والإهمال , واحتمالات التأخير , والربط بين هذا الحريق وحريق العبارة التي غرقت , وحريق قطار الصعيد وحريق مسرح بني سويف , وحريق الأوبرا , تركت كل هذا ورحت أقرأ دفتر أحوال المصريين من نكتهم وتعليقاتهم وأقوالهم في مثل تلك الظروف , وجمعت كل هذا من كلام الناس في الشارع وفي الفضائيات وعلى صفحات الإنترنت ومن رسائل الموبايل , وأنا أعتقد أن في هذا ثروة كبيرة يمكن أن يستفيد بها صناع القرار في مصر خاصة في ظل غياب نظام استطلاع الآراء عندنا لأسباب لا نعلمها , وأتمنى أن يهتم الأخ الفاضل والعالم الجليل الأستاذ الدكتور / ماجد عثمان رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء بهذا الأمر وإخضاعه للدراسة والتحليل بواسطة خبراء في علم النفس وعلم الإجتماع للوقوف على دلالات ومعاني آراء الناس في هذا الحدث الذي يعتبره بعض المحللون من أهم الأحداث التي مرت بمصر في السنوات الأخيرة , فمجلس الشورى ليس مجرد مبنى وإنما هو رمز للحكومة ورمز للشورى والرأي ورمز لمطبخ القرارات المؤثرة في حياة الناس , وهو الركن الثالث المدعم والمكمل للركنين الآخرين مجلس الشعب ومجلس الوزراء .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed