المقالات

طباعة

الزمن قراءة تحليلية موجزة

Posted in الثقافة

 

لذا فإنه ينص على أن "الزمان والمكان ليس هما جوهران ولا صفتان لجوهرين حقيقيين. إنهما لا أكثر من نسقين أو ترتيبين مشتركين في ظواهر الوجود"13.
بمعنى ثانٍ، أن الزمان والمكان وفق مفهوم لايبنتز عبارة عن إحساس ذاتي  ليس له واقع موضوعي، لأن المونادات التي خلقها الله وبث فيها القوة لكي تعمل في تصاعد كمالي. أن "هذه المونادات هي الذرات الحقة في الطبيعة. وبالإختصار هي عناصر الأشياء"14. حيث أن المادة والطاقة هي تلك الذرات أو الجواهر الفردة الروحية التي وهبها الله الحياة والتي هي منتشرة في عدد لا نهائي في الوجود على شكل نقط يحدث منها الخلق، والإنسان أسمى ما موجود، وأن تصوراته عن الزمان والمكان هي في الحقيقة تصورات باطنية لا وجود لهما في الخارج. حيث أن المعرفة الحقة التي يتوصل إليها الإنسان تكون أساساً بواسطة المبادىء المطلقة التي توجد في العقل، والتي منها أيضاً يتكون العقل. وهكذا فالوجود الواقعي يكون أدنى منزلة من أفكار العقل.
وإذا أقترب الراهب جورج بركلي (1685-1753) من مفهوم لايبنتز، حيث جعل الزمان والمكان عبارة عن شكلين من الأحاسيس، فإنه يدنو أكثر نحو مفهوم الغزالي؛ بقوله: أن "الزمان والمكان يوجدان بداية إلى وجود أفكارنا"15. وأن "جميع الأشياء التي توجد هي توجد في الذهن فقط. أي هي تصورية خالصة"16. فلا وجود إلى الأشياء المادية غير صور ذهنية قد طبعها الله في عقولنا والتي ندركها بواسطة حواسنا.
وحسب رأيه أن الفكرة التي ندركها ليست هي حالة عقلية بل أنها فقط تكون موضوع العقل المدرك الذي منحه الله صور الأشياء. بمعنى أن الوجود لا يكون له وجود بما تسببه من أفكار، وإنما الأفكار ذاتها هي التي توجد في الوجود، ومنها فكرتنا التي نحسها عن الزمان. وهنا يريد بركلي أن يتجاوز ثنائية ديكارت، فالاحساسات لا تكون علتها الحقيقية هي المادة، وإنما أفكار قد وهبها الله إلى العقل الذي يدرك بواسطة الحواس.
أما جون لوك (1632-1704) فيؤيد فكرة الأمتداد عند ديكارت، لكنه يجعل المادة والعقل متداخلان لدرجة يكونان شيئاً واحداً، فلا يمكن بعد ذلك أن يكون الأمتداد هو الخاصية الملازمة للمادة فقط . إذ أن العقول أو "الأرواح  تمتلك كل منها تحديد الزمان والمكان من بداية وجودها.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed