المقالات

طباعة

الزمن قراءة تحليلية موجزة

Posted in الثقافة

 

وإن العلاقة بالنسبة إلى الزمان والمكان هي سوف تحدد دائماً لكل منها تطابقها طالما هي موجودة"17. ونتيجة لذلك يرى أن الزمان والمكان يأخذان كل منهما قبولاً في التحدد. وأن: الزمان يأخذ شكل الدوام اللامتناهي متناسباً بالوجود. وأن حركة أجسام الكون العظيمة هي بقدر ما نحن نعرف أي شيء عنها. وفي هذا الإحساس يبتدىء وينتهي الزمان في وضع هذا العالم المحسوس.
أما ديفيد هيوم (1711-1776) فرغم تسليمه أن للوجود واقع مستقل عن الذهن، إلا أنه يشكك من أن يدرك هذا العقل ماهية هذا الواقع المستقل بمعزل عن طرق معينة، إذ كل إدراك يكون إنما هو إدراك نسبي وخاص يحدث وفق شروط خاصة وليس إدراك محض خالص. وبذلك ينكر هيوم على الزمان والمكان أن يكون لهما واقع خارجي. بل أن الذهن الذي يكون تمثيله إلى الصور فقط هو الذي يتثناهما. وهكذا فإن "فكرة الزمان تكون مشتقة من تعاقب إدراكاتنا لكل نوع، الأفكار والإنطباعات، علاوة على الإنطباعات المعكوسة والإحساس ستعطينا حالة الفكرة المجردة، وهي إدراكات تبقى أكبر تنوعاً من المكان، ومع ذلك فهي تُصوّر وهمْ الفكرة الفردية المعينة التي تحدد الكمية والنوعية. ومن هذه الأشياء المرئية والملموسة المنظمة نحن ندرك فكرة الزمان. وهكذا من تعاقب الأفكار والإنطباعات نكوُّن فكرة الزمان، وليس ممكناً بالنسبة للزمان وحده أن يكوُّن ظهوره، أو يمكن ملاحظته بالذهن"18.
وعلى خطى هيوم وأثر الغزالي يسير عمانؤيل كانت (1734-1804) بجعل العقل يقوم بخلق وتأليف صور الأشياء التي لا وجود خارجي لها. إذ أن العقل قاصر عن سبر جوهر الأشياء، لأنها موجودة بذواتها. فالمادة هي موضوع الإدراك الحسي، أما الصورة فهي المبدأ الباطني إلى الذات المدركة التي تنظم الفحوى الخارجي تبعاً إلى العلاقات الخاصة. فالزمان والمكان من خلق العقل، وهما صورتان أوليتان تخلقهما الحساسية على شتى المعطيات الحسية التي ترد إليها من الخارج دونما أن يكون لهما من أي وجود حقيقي في الوجود الخارجي، لكونهما موضوعين قائمين في ذاتهما.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed