المقالات

طباعة

الزمن قراءة تحليلية موجزة

Posted in الثقافة


بيد أن الخلل الفاضح في المادية الجدلية إنها تقدم تفسيراً من لا بداية. إذ لا يجوز أن تكون لنا بداية معلومة عن لا بداية لا معلومة. فعندما نسلم بوجود حركة التناقض الداخلي للمادة، يجب علينا معرفة بداية هذه الحركة من التناقض، وفقاً للتطور الكمالي السالف للمادة. ولا يكفي أن نقول بدأت عشوائياً، فهذا هروب فكري وليس تفسير علمي.
هذا ولقد طور هنري برجسون (1859-1941) فكرة شوبنهاور عن "الحياة"، وإتخذ من مبدأ القوة الحيوية مسلكاً له. فجوهر الحياة وحركة روحها الذاتية تتعلق بالزمان أكثر مما تكون عليه في المكان، لأن الإرتباط بالمكان ليس تاماً وعميقاً، فمن جراء تفكيرنا المادي تهيأ لنا بأنه صحيح تام، وأن الحياة ليست إلا هذه الصور المكانية التي نحسها. والحقيقة هي غير ذلك، إذ تكمن في الزمان الذي هو عبارة عن تراكم صور للوجود الكوني على بعضها البعض.
بعبارة أخرى، أن الزمان هو صورة الوجود التي إمتدت منذ بدايتها الأزلية وأخذت تتطور متقدمة بالتدريج حتى وصلت إلى الزمان الحاضر للوجود. وبما أن الزمان في مفهوم برجسون عبارة عن صور وجودية متراكمة. إذن فمن المحال أن يكون الحاضر مشابهاً إلى الماضي وكذلك المستقبل إلى الماضي نظراً إلى تعاقب الصور الجاثمة والتي تمر على الوجود. كما وأن هذه الصور تكون مستقلة عن الذهن في واقعها الخارجي لأن العقل في اللحظة التي يلتقط بها صورة الوجود تكون هنالك صورة لاحقة أخرى في اللحظة التي تليها ثم تتبعها صورة جديدة أخرى بعد اللحظة الثانية والرابعة بعد الصورة الثالثة وهكذا دوليك. حيث أن الواقع الحسي الخارجي يكون في نظر العقل عبارة عن مجموعة صور تراكمية تتلو بعضها الآخر. من أجل أن تملاْ صورة الوجود التي تتربعها جميعاً في الحركة المستمرة. إذ أنها لا حياة فيها إن لم تدب فيها الحركة حيث تربط أشتاتها جاعلة منها حقيقة واحدة.
ولهذا يؤكد برجسون إنه:"ليس هناك واقع واحد، على الأقل، نحن الذين نتشبث بفكرته من الداخل بالحدس وليس بالتحليل البسيط. إنها خاصية شخصيتنا في التتبع من خلال زمن–ذواتنا التي تحتمل. ولا شيء يمكننا فعله غير المؤاساة العقلية، ولكن مؤاساة يقينية بخاصية ذواتنا"23.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed