البوابة
تفسير الأحلام بين العلم والخرافة
ويميل علماء الفسيولوجيا إلى عزو الأحلام إلى تغيرات كيميائية وإلى تأثيرات عضوية خارجية أو داخلية يترجمها المخ إلى أحداث فتدخل في محتوى الحلم .
هذا عن الأحلام ككل ، أما النوع الخاص الذى يطلق عليه فى المفهوم الديني "الرؤيا" فإن لها شأنا آخر (في رأي المفسرين) حيث وضعت شروط لمفسر هذه الرؤيا , وحاول بعض الناس فصلها عن بقية أنواع الأحلام على الرغم من صعوبة التفرقة بين أنواع الأحلام والرؤى بشكل يقيني .
وقد سئل ابن عبد البر: أيعبر الرؤيا كل أحد ؟ فقال : أبالنبوة يلعب ؟! . ثم قال:الرؤيا جزء من النبوة ، فل ايلعب بالنبوة . والجواب: أنه لم يرد أنها نبوة باقية ، إنما أراد أنها لما أشبهت النبوة من جهة الإطلاع على بعض الغيب لاينبغى أن يتكلم فيها بغيرعلم .
والكلام فى هذا المقام مقصود به رؤيا المؤمن التى ورد فيها حديث رسول الله بأنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.. ولذلك فلابد لمن يفسرها أن يكون عالما فقيها وصالحا حتى يفهم رموز اللغة الربانية التى تتكون منها الرؤيا . وهذا الأمر ينبغي أن يؤخذ بحذر في الواقع اليومي حيث يعتبر كل شخص رأى شيئا في منامه أنه رؤيا ويعتبر نفسه في عداد المؤمنين ويتعامل مع الأمر على أنه رسالة ربانية قطعية المعنى وواجبة النفاذ .
ويرى الإمام ابن سيرين أنه لابد للمعبر للرؤيا أن يكون حاصلا على ثلاثة أنواع من العلوم هى:
حفظ الأصول : على المعبر أن يكون حافظا للأصول الشرعية ، عارفا بالقرآن الكريم والسنة المحمدية وتفسيرها ووجوهها واختلافها وقوتها وضعفها فى الخير والشر حتى يمكن أن يتمكن من الأخذ بالأرجح والأفضل عند تأويل السائل .
تأليف الأصول : كما أنه يتوجب على المعبر أن يكون قادرا على تأليف الأصول فى آخر الأمر بعضها مع البعض حتى يمكن أن يستخرج معنى صحيحا واضحا ، وبذلك يتمكن من إخراج الأضغاث والأمانى النفسية وتخاويف الشيطان وأحزانه من الرؤيا.. فإذا كانت الرؤيا كلها من هذا القبيل ، فعلى المعبر أن يتركها ، إذ هى ليست برؤيا فلا يجوز أن يقبلها ولايفسرها.
التفحص والدراسة : يجدر أن يقوم المعبر بالتفحص والتمعن والتثبت من الرؤيا قبل تأويل الرؤيا أو تفسيرها ، إذ عليه أن يعرف الرؤيا حق المعرفة ، ويستدل عليها من الأصول ومن كلام صاحبها.. كما أن عليه أن يقتدى فى تفسيره بالأنبياء والرسل والحكماء ، لأن هذا أقرب إلى الحق والصواب.. ومثال ذلك رؤيا فرعون.. سبع بقرات عجاف يأكلهن سبع سمان وتأويل يوسف عليه السلام للسمان بالسنوات الخضر والعجاف بالسنوات الجدب.
ويرى الإمام ابن سيرين أيضا أنه يتوجب على المعبر أن يتثبت مما يروى له وألا يتعسف برأيه ، وأن لايأنف من الاعتذار عن تأويلها لعدم معرفته أو لاستشكالها عليه . ولتعبير الرؤيا أصول متبعة عند المعبرين فإذا كانت الرؤيا مستقيمة فإنه يمكن تأويلها ، أما إذا كانت تحمل معنيين فعلى المعبر أن ينظر إلى المعنى الأقرب للفظ والمعنى.. ثم أنه على أساس ذلك يعبر الرؤيا، أما إذا وجد المعبر أصول الرؤيا صحيحة إلا أن بها حشو ولغو، فإن على المعبر أن يترك الحشو واللغو ويقصد إلى الصحيح ، أما إذا رأى المعبر أن الرؤيا كلها مختلطة بعضها البعض ولاتلتئم مع الأصول ، علم أنها من الأضغاث التى لاتأويل لها .