طباعة

ابن رشد الأندلسي

Posted in الثقافة

arabic-bookهو القاضِي مُحمَّد بن أحمد بن مُحمَّد بن رُشد الأَندُلسي أبو الوَليد، وُلِد في قرطبة سنةَ وفاة جدِّه الذي كانَ قاضيَ القُضاة فيها، ولذا يُعرَف ابنُ رشد بالحَفيد، وهو من أسرةٍ كَبيرة مَشهورة بالفضل والرِّياسَة. عرفة الأوروبيُّون معرفةً كبيرة، وأَطلقُوا عليه اسمَ Averroes.

 

 

دَرسَ ابنُ رُشد الفِقهَ والأُصول والطبَّ والرِّياضيَّاتِ والفلسفَةَ، وبرعَ في علم الخِلاف، وتَولَّى القضاءَ سَنواتٍ عَديدةً في إشبيلية ثمَّ في قرطبة. كانت نَشأةُ ابن رشد في ظلِّ دولة الموحِّدين، ومَلكُهم يومئذ هو أبو يوسف يَعقوب المنصور بن عبد المؤمن؛ وقد حـاولَ

أن يُلقي شَيئاً من الفَلسفَة في بيئةِ الأَندلس التي كانت تَنعت الفلاسفةَ بالزَّندقة، لكنَّه تَعرَّضَ للإبعاد إلى أليسانة قربَ قرطبة، ومن ثمَّ إلى المغرب، بعد أن نُكِّلَ به وأُحرِقت كتبُه، ومع ذلك ظلَّ ابنُ رشد من أعظم فلاسِفَة الإِسلام بل من أعظم حُكَماء القرون الوسطى.

تُوفِّي ابنُ رُشد في مراكش أوَّلَ سنة خَمسٍ وتِسعين وخمسمائة عن خَمسٍ وسبعين سنة، وذلك في أوَّل دولة النَّاصِر، ثمَّ نُقِلت جُثَّتُه إلى قُرطُبَة. وخَلَّف ابنُ رشد وَلداً طبيباً عالماً بالصناعة، يُقال له أبو مُحمَّد عبد اللَّه، كما خلَّف أيضاً أولاداً قد اشتَغلوا بالفقه.

كان ابنُ رُشد، في الطبِّ، من أعظم أطبَّاء زَمانِه، جيِّدَ التَّصنيف حسنَ المعانِي، حسنَ الرَّأي ذكياً، قويَّ النَّفس، وكان قد اشتغلَ بالتَّعاليم وبالطبِّ على أبي جعفر بن هارون، ولازَمه مدَّةً، وأخذَ عنه كَثيراً. ألَّف ابنُ رشد نحوَ عِشرين كِتاباً في الطِّب، بَعضها تَلخيصاتٌ لكتب جالينوس، وبعضها مُصنَّفاتٌ ذاتية، وقد تُرجِمَ أكثرُها إلى العِبريَّة واللاتينيَّة؛ وأَشهرُها كتابُ الكلِّيات في الطبِّ، وهو موَسوعةٌ طبِّية في سبعة مُجلَّدات، حيث شَرحَ في كتابه هذا "أي الكُلِّيات" وظائفَ أعضاء الجِسم ومَنافِعَها شَرحاً مفصَّلاً دقيقاً، كما شرَح فيه الجوانبَ المتنوِّعة للطبِّ، في التَّشخيصِ والمعالجة ومنع انتِشار الأوبئة، وقد أجادَ في تأليفه. كما شرحَ أُرجوزةَ ابنِ سينا في الطبِّ؛ وقد اقترحَ ابنُ رُشد في شرحه لابن سينا ما يصفه الأطبَّاء الآن، وهو تَبديلُ الهواء في الأمراض الرِّئوية.

كانت بينَ ابن رُشد وأبِي مروان بن زُهر مَودَّة، ولمَّا ألَّفَ كتابه في الطبِّ "الكُلِّيات"، قصدَ من ابن زُهر أن يؤلِّفَ كتاباً في الأمور الجزئية لتكونَ جُملةُ كتابيهما كتاباً كامِلاً في صِناعة الطبِّ، ولذلك يقول ابنُ رُشد في آخر كتابه: "فهذا هو القَولُ في مُعالجة جَميع أَصناف الأَمراض بأوجز ما أَمكنَنا وأَبيَنِه، وقد بَقِيَ علينا من هذا الجُزء القولُ في شِفاء عرضٍ عرضٍ من الأعراض الدَّاخلة على عضو من الأعضاء؛ وهذا، وإن لم يكن ضَرورياً، لأنَّه مُنطَوٍ بالقوَّة فيما سلفَ من الأَقاويل الكلِّية، ففيه تَتميمٌ وارتِياض، لأنَّا نَترل (نَلجأ) فيها إلى عِلاجات الأمراض بحسب عضوٍ عضو، حتَّى نجمعَ في أقاويلنا هذه إلى الأشياء الكلِّية الأمورَ الجزئيَّة؛ فإنَّ هذه الصناعةَ أحقُّ صناعةٍ يُترل (يُلجَأ) فيها إلى الأمور الجزئيَّة ما أمكن، إلاَّ أنَّا نُؤخِّر هذا إلى وقتٍ نكون فيه أشدَّ فراغاً، لعنايتنا في هذا الوقت بما يهمُّ من غير ذلك، فمن وقع له هذا الكتابُ دون هذا الجزء، وأحبَّ أن ينظرَ بعد ذلك إلى ... الكتاب الملقَّب بالتَّيسير الذي ألَّفه في زماننا هذا أبو مروان بن زهر ...".

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed