المقالات

طباعة

أبو القاسم الشابي - عصـفُ حيـاة خـاطفـة !

Posted in الثقافة

وقد ذاعت القصيدة واشتهرت، خاصة بعد الاستقلال، حين رددها الطلبة العرب في المدارس وغناها المغنون وضُمِّنت أبياتٌ منها (البيتان السابقان) في النشيد الوطني التونسي.
على أن مقاومة الاستعمار لم تكن وحدها شاغل الشاعر الذي تلقى دروسه الأولى على أبيه القاضي الشيخ الأزهري "محمد الشابي" ثم تابعها ليتخرج من "الزيتونة" و"مدرسة الحقوق".

فمثل الشعراء الرومانسيين -الذين سبقوه وجايلوه ولحقوه- صُدِم الشابي بمدى وعمق الجهل والرجعية المهيمنة على الحياة العربية. وهي عوامل رأى فيها أسباب التخلف والبؤس والهوان، فكتب بمرارة حارقة, يعرفها كل من واجه الواقع العربي باقتراحات ودعاوى القيام والتغيير:
"إنـي أرى فأرى جُموعاً جمَّة لكنهـا تحيـا بـلا ألبابِ"

يدوي حواليها الزمانُ كأنما يدوي حوالي جَنْدلٍ وترابِ"

ومع غياب الحركة الشعبية العامة الواعية الحاملة لمشروع المقاومة والنهضة، وسيطرة الجمود على العقول والمشاعر، كانت الذات الفردية المتمردة بعواطفها المتدفقة وخيالها الجامح وغنائيتها التلقائية الحزينة وتأملاتها في الوجود والحياة وتعلقها بالطبيعة، هي الروح التي نبع منها شعر الشابي وأطلقته.

وبقدر ما تاق الشابي للحرية ودعا إلى انبعاث الشخصية الوطنية، بقدر ما سخط وثار على خمول الشعب المستكين لأوضاعه وكأنها قدر بدل أن يصنع هو قدره ومصيره, فتساءل مستنكراً:

"خلقت طليقاً كطيف النسيم وحراً، كنور الضحى في سماه"

"فمـالك ترضى بذل القيود وتحنـي لمن كبَّلوك الجباه؟"

لكن الشاعر الذي امتزج في شعره الغضب والحزن والحب والسخط والأمل واليأس, وامتلأت نفسه بالثورة, بما لها من قوة تجديد عاصفة:

"ليت لي قوة العواصف يا شعبي فألقي إليك، ثورة نفسي"

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed