المقالات

طباعة

مفهوم الدين بين الفكر الإسلامي والمسيحي

Posted in الثقافة

إن قصور هذه النظرة في الفكر الغربي يكمُن -إضافة إلى استحضار النموذج المسيحي- في أن الفلاسفة الغربيين لم يعتمدوا في دراساتهم على الحقائق التجريبية للأديان، أي لم يلتفتوا إلى الدين في جانبه الحي الفعال، وهذا من شأنه أن يخلف خللا منهجيا هائلا فطريقة البحث في فرع معين تنبع من طبيعة الموضوع.

لقد اقتصرت الأبحاث الغربية في الأديان على دراسة الآثار التي يتركها الدين على المستوى الفردي والجماعي، وبهذا عجزت عن ملامسة طبيعة الدين وجوهره، لم يسلم من هذا القصور بعض الباحثين المعاصرين للدين؛ إذ أنهم لا يتميزون عما سبقهم إلا في أنهم قد رتبوا بعض الأفكار الرئيسية المتعلقة بالدين، وتناولوها بالتعليق والربط والتحليل، ثم اتخذوا لها ألقابا أو عناوين مختلفة. وكلها في الواقع لم تتخذ التجربة الدينية الفعلية كنقطة بدء، ولم تستفد بهذا في بحثها ودراستها.

إن القصور الذي خلفه تعريف الدين في الغرب مرده إلى دراسة الدين مرتبطا بالأهداف التي يحققها سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. فبرزت آراء فلسفية عديدة تنظر إلى أثر الدين والمنفعة التي يسعى إلى تحقيقها وليس إلى ماهيته وطبيعته. ويمكن حصر الأهداف -التي عُنى بها الفلاسفة الغربيون- في مجملها وفق المحاور الثلاثة الآتية :

- الهدف الاجتماعي: يمثل الدين مستودعا للقيم الأخلاقية، فالدين برأي كانط يسعى إلى إسداء خدمة نفعية لا يقدر عليه غيره برعايته لأهم مصالح الإنسانية متمثلة في وحدة مشتركة للمنظومة الأخلاقية، يتلاقى حولها بنو البشر عبر عنها كانط بالقانون الأخلاقي العالمي.

وقد يكون كانط محقا فيما ذهب إليه ولكنه فيما يبدو قد قلص دائرة وظيفة الدين وقيد مجال خدمته، بحصره على الجانب الأخلاقي. إن ما يتطلع إليه المرء من ربه حتى في دائرة الأخلاق نفسها لا يقتصر على أن يجعل الخير واجبا بل هو يرجو إلى جانب ذلك عونه وتوفيقه على استدامة الصلاح و الحياة الطيبة، كما أنه يشعر بحاجته إلى الله في مجالات كثيرة أخرى تضمنها التجربة الدينية.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed