المقالات

طباعة

حجاب المسلمة، وجهةُ نظرٍ طبنفسية

Posted in الثقافة

وأما ثالثُ التفسيرات فكان أن اضطرابات الأكل موجودةٌ لدينا ولكننا كحالنا في العديد من الظواهر الاجتماعية، لا ندري بها، إما لأننا ندفنُ رؤوسنا في الرمال كالنعام أو لأن أفراد المجتمع بما في ذلك الأطباءُ من غير أهل تخصص الطب النفسي لا يدركونَ أن هناكَ منظومةً من الاضطرابات النفسية اسمها اضطرابات الأكل، وقد كنتُ أنا شخصيا واحدًا من المقتنعين تماما بهذا الرأي الأخير عندما بدأتُ البحث في هذا الموضوع.

إلا أنني كنتُ كلما قرأتُ المتاحَ من النتاج العلمي الغربي وتفسيراته، وكلما قرأتُ عن الأكل في الإسلام وكلما سمعتُ تعليقات ومشاعر مرضاي كلما شعرتُ بأن الأمرَ أيضًا ليسَ بهذه البساطة، فلابدَّ أن سببًا ما أو أسبابًا تحولُ، حتى لحظة كتابة هذه السطور، ما بيننا وبينَ ظهور اضطرابات الأكل بمعدلاتٍ مرتفعةٍ كما هو الحال في كل الدول الغربية وفي الصين وفي اليابان، ولما كانَ البحثُ في أسباب اضطرابات الأكل يدور في جوهره حول محور علاقة الإنسان بجسده، ونظرته إلى الأكل -أو بالأحرى إلى المأكول- وتأثير ذلك المأكول على صورة الجسد، فقد كانَ عليَّ أن أحاول الوصول إلى إجابة السؤال الذي طرحته منذ قليل وهو : ماذا يحولُ ما بين مجتمعاتنا العربية وبينَ ظهور اضطرابات الأكل بمعدلاتٍ مرتفعة؟ وذلك بالرغم من المناخ السائد الذي أصبحَ المجتمعُ فيه متحيزًا ضد البدانة، وبالرغم من زيادة مستويات تعليم المرأة وزيادة معدلات خروجها للعمل؟ وبالرغم أيضًا من أنني أعرفُ أن دروعَ مجتمعاتنا وكل المجتمعات آخذة في التآكل تحتَ إلحاح آليات العولمة المختلفة؟

فماذا عساها تكونُ الأسباب التي تجعلُ اضطراب العلاقة بالأكل وبالجسد أقلُّ شغلاً للناس في بلادنا، مقارنةً على الأقل بمدى الانشغال الذي يعيشهُ المجتمع الغربي؟ أليست المرأةُ العربيةُ معنيةً بصورة جسدها؟ أليسَ المجتمع العربي معنيًّا بمقاييس الجمال(العالمية)، ألا تمرُّ الفتاةُ العربيةُ العصريةُ بنفس صراعاتِ المراهقة والرغبة في ضبط الرغبات وضبط الجسد؟ ألا تعيشُ صراع التحكمِ الانفلات الذي تعيشهُ الفتاةُ الغربيةُ العصرية؟ ألا تتعرضُ الفتاةُ عندنا لانتقادات وتعليقات الآخرين خاصةً في سنين البلوغ والمراهقة؟ وكما بينت فإن ما وضعَ من تفسيرات لذلك كثيرٌ، دار معظمها بشكلٍ أو بآخر حول كونِ مجتمعاتنا أقل تقدما -باعتبار أن التقدمَ هو اللحاقُ بالغرب- أو أقلَّ تحضرًا، بحيثُ يكونُ ذلك حمايةً لنسائنا ودليلاً على تخلفنا الحضاري في نفس الوقت!، وبينما أبحثُ وأفكرُ في ذلك، برز حجاب الفتاة المسلمةِ، وكونها في غير حاجةٍ ملحةٍ إلى جسدٍ اجتماعي Public Body صارم المقاييس كمثيلتها في الغرب، وهو أحد انعكاسات حجاب المرأة الاجتماعية، برز الحجاب إذن كأحد أهم عوامل الحماية والوقاية النفسية.

*وفي هذا المقال سأحاول فقط مناقشة فائدة الحجاب للفتاة فقط من ناحية الحماية النفسية من اضطرابات الأكل، ثم أعلق بعد ذلك على الاستخفاف الحاصل بعقول شريحة لا يستهان بها من المسلمين الذين ربما يسعدهم أن يقبل الحجاب الإسلاميُ كزي معترفٍ به من قبل السادة المسئولين عن مسابقات ملكات الجمال، وأنا عندما أتكلم عن الحجاب فإن المعنى الذي أقصده هو الزيُّ الذي يستر الجسد ولا يبرز ملامحه الأنثوية المعروفة بشكلٍ يزيدُ عن المعقول، ولا أتكلم عن أي من أشكال الحجاب التي أقبلها جميعها باعتبارها إما محققةً لشروط الشرع أو ممثلةً لخطوةٍ في اتجاهه، والحقيقة أن اعتبار الحجاب الإسلامي زيا مقبولاً لمتسابقة في مباراة الجمال، ليس أكثر من فخ للحجاب كما سأبين بعد قليل، ولنفكر أولا معا في فائدة الحجاب النفسية؟

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed