طباعة

حجاب المسلمة، وجهةُ نظرٍ طبنفسية

Posted in الثقافة

hijabمنذُ ثلاثة أسابيع وأنا في عصفٍ فكري متصل لا تقطعه إلا أمور الحياة والمرضى وأمور مجانين وهو للسبب الأخير يقطع كثيرا، وسببُ ذلك العصف كما حدثَ هو أنه: بينما يتظاهر المسلمون في مناطق شتى من العالم اليوم اعتراضا على تجرؤ ذوي التوجهات العلمانية على حجاب المرأة المسلمة، فبدلا من اعتباره حرية شخصية يسمح بها لأنه جزءٌ من عقيدة المرأة المسلمة، قرر ذوو التوجهات العلمانية الفرنسية أن الحجاب رمزٌ ديني،

 

بينما المسلمون كذلك، أخذ خاطري خبرٌ سمعته في نشرة الجزيرة الإخبارية مفادهُ: أن ولأول مرة... فتاة محجبة! تتنافس مع الأخريات للفوز بلقب ملكة جمال إندونيسيا! بالطبع بعد متابعة الحسان المشاركات في المنافسة، ثم متابعة المظاهرة التي خرجت في نيبال(بلد آسيوي أيضا يدين معظم سكانه بالهندوسية) وكانت احتجاجا بالأساس علي مفهوم التسابق من أجل لقب ملكة الجمال، باعتباره يهين جسد المرأة ويعرضها للابتذال والتجارة!

وكنت قبل ذلك قد سمعت عن مسابقة "ملكة جمال عرب 48"، وعن العربية المسلمة المحجبة التي لا تجدُ أي حرج في الاشتراك بالمسابقة التي ستتنافس معها فيها عشرات الفلسطينيات من إسرائيل، وتقول: «ما المشكلة للمسلمة إذا نافست في مسابقة ملكة جمال، طالما ترتدي الثياب نفسها التي تظهر بها أمام الناس كل يوم»؟ وفق تعبير ذات الثمانية عشر ربيعا، هداها الله، بالهاتف لجريدة "الشرق الأوسط"، أسقط في يدي منذ برقت المقارنة في ذهني، وأنا أحمل أوجاعا كثيرةً تخص حجاب الفتاة المسلمة، وعصفت الأفكار بذهني طويلا حتى جاء هذا المقال.

بدأ العصف الذهني بتذكر ما تأملته طويلا من فائدة الحجاب النفسية للفتاة العربية، فأنا كطبيب نفسي حاولت سبر غوار أحد اضطرابات نطاق الوسواس القهري، وهو اضطرابات الأكل النفسية، وأحد مباحث ذلك الموضوع هو مبحث الأسباب؟ فهناك دائما سؤالٌ هو لماذا نرى اضطرابات الأكل النفسية أقل شيوعا في مجتمعاتنا، فأما المقالات والأبحاث الغربية، فكان أول تفسيراتها ردًّا على هذا السؤال هو أن اضطرابات الأكل هيَ اضطراباتُ وفرة، أي أنها تحدثُ مع توفر المال والغذاء وبما أننا فقراءُ العالم أو من فقراء العالم وليست لدينا وفرةٌ بعد، فاضطرابات الأكل عندنا أقل حدوثًا، إلا أن ذلك التفسير يفشلُ بالتأكيد عندما نستطلعُ مستويات المعيشة في دولٍ كدول الخليج، فعندما أضيفت الوفرة إلى مجتمعٍ عربي لم تظهر فيه اضطراباتُ الأكل مثلما ظهرت في مجتمعات الوفرة الغربية، إلا إذا اعتبرنا أن مجرد البدانة هيَ أحدُ اضطرابات الأكل، وهذا الاعتبار غيرُ صحيحٍ في الطب النفسي كما بينا من قبل في هل البدانة مرض؟ وفي مسار البدانة من الصحة إلى المرض، وكان ثاني التفسيرات أن ذكورنا يفضلون الأنثى البدينة بينما يفضلُ الذكور في الغرب الأنثى النحيفة، ثم أظهرت بعض الدراسات أن الأمر ليس بهذه البساطة، وأن الرجال عندنا أصبحوا أيضًا يفضلونها نحيفة، فهذا التفسير أيضًا لم يستطع الصمود طويلاً خاصةً وأن تمثلَ القيم والنماذج الغربية فيما يتعلقُ بالجسد الأنثوي المثالي هو ظاهرةٌ متزايدةٌ في المجتمعات كلما صغرَ العمرُ، وذلك في معظم بلدان العالم الغربية وغير الغربية وليس فقط في البلدان العربية، كما بينا من قبل في البدانة من الجمال إلى القبح،

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed