المقالات

طباعة

الشباب و المؤسسة الحزبية جدل الإدماج و التهميش

Posted in الثقافة


وهكذا تحاصرك في مقرات الأحزاب صور بانورامية لهذا الزعيم أو ذلك. وتتراءى لك في الجرائد المقولات التافهة للأمناء العامين للأحزاب وقد تحولت إلى مانشيتات عريضة في محاولة لإيهام الرأي العام بأنها حكمة فوق العادة !وإذا كان الحقل عموماً وكما يقول بيير بورديو هو فضاء من الصراعات والتنافس، فإن مؤسسة الزعيم داخل المشهد الحزبي تتمتع بحصانة قوية تجاه هذا الصراع. بحيث تكون كل محاولة لمنافسة الزعيم في موقعه مالها الفشل الذريع. ذلك أن الذي يفكر في منازعة الزعيم مكانته بحكم على نفسه قبلا بالإقصاء. لأن الزعيم/الأب الروحي / مؤسس الحزب لا يعرف مبدأ التناوب أو التقاعد السياسي.
إنه مأزق تدبيري أخر ينضاف إلى مأزق الإفلاس الحزبي. وهو تدبيري بالأساس. لأن الزعيم الذي يعي جيدا أن زعامته متجذرة وملقحة من التغيير لا يبذل أي جهد إبداعي على مستوى تدبير شؤون الحزب، ولهذا السبب يستفحل الفقر السياسي لدى قبائلنا الحزبية! أمام وضع كهذا يبقى مطلوبا من الشباب في رحاب المؤسسة الحزبية أن يكون مريدا فقط في حضرة الشيخ المقدس الذي لا يعرف التقاعد السياسي أبدا !! ليس مطلوباً منه أكثر من تقديم فروض الطاعة والولاء للآباء الوحيين للحزب وشيوخه وصقوره والاكتفاء دوما بعبادتهم والانبهار بآرائهم التي لا يأتيها الباطل.
وإذا كان منطق الشيخ والمريد هو الذي ينضبط إليه الحقل السياسي المغربي وكما انتهى إلى ذلك عبد الله حمودي، فإن الشباب في هذا الحقل يراد منه أن يكون مريداً فقط وأن يكون تحديداً مريداً من الدرجة الثانية. فالشباب في رحاب هذه المؤسسة يتوجب عليه"أن يقوم بالخدمة ويمارس الخضوع الكامل لشيخه الذي يصل في الكثير من الأحيان إلى تخيله وتنازله عن رجولته لصالح شيخه".
ففي المجال السياسي تتحول هذه الفئة العمرية إلى فئة سياسية مغلقة على أساس أن الشيوخ هم حملة الحكمة وهم العارفون بتذبذبات التاريخ أما الشباب فهم مجرد "دراري" يتوجب إليهم اتباع التعليمات والقطع مع ثقافة النقد والمساءلة. وبالطبع فالأيمان الراسخ بجدوى هذه الثنائية( الشيخ/المريد) واستيعابها كليا من طرف الشاب هو الذي يضمن له الحضور في بنية الحزب ولما لا الحراك السياسي نحو أعلى الهياكل، وبالمقابل فرفض هذه العلاقة الزاوياتية يجعل الشيوخ يشهرون سيف التهميش و الإبعاد. لكن بلوغ مطمح الصعود أو التسلق الحزبي بالنسبة للشباب لا يكون سلساً ولا متاحا أمام الجميع، "ولكي يصل المريد غلى الدرجات العليا عليه أن يقطع طريقًا طويلاً من الخدمة والتقرب " وعليه أيضاً أن يكون مستعداً لمباركة جميع آراء ومواقف الشيوخ واعتبارها حقيقة مطلقة على اعتبار أن الشيوخ هم مادة الحكمة والوقار وأنه هو مجرد تلميذ مبتدئ لا يحق له نهائيًا امتهان النقد والمساءلة!!
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed