المقالات

طباعة

الشباب و المؤسسة الحزبية جدل الإدماج و التهميش

Posted in الثقافة


التطبيع والتهميش!
وأملاً في الفهم لا بأس أن نقوم بتمرين للذاكرة، ونتذكر كيف أن حزب الاتحاد الاشتراكي مثلا كان يتكلف بطبع جريد" النشرة" لسان حال شبيبته، وكيف عمد إلى تكميم أفواهها في لحظة من لحظات تعارض المواقف، ونتذكر جيداً كيف سوف سيصدر " الشيوخ" العفو في حق " النشرة" لتعاود الظهور من جديد، وكل ذلك قريبا من موعد المؤتمر السادس!! لكن بمجرد انعقاد المؤتمر وإعادة إنتاج نفس الرموز والأوضاع وكذا صناعة نخب جديدة تدور في فلك مالكي وسائل لإكراه والتدبير الحزبي سيهرع الشيوخ مرة أخرى إلى استعمال سيف ديموقليس لينخرس صوت الشبيبة الاتحادية وينتهي خطاب الاهتمام بالشباب والدفاع عن آرائه وحريته في عرف الحزب!!
ليس هذا المشهد المعبر عن" الهولوكست الديمقراطي" إلا مثالاً صارخاً عن آليات الإدماج التطبيع والتهميش التي تعتنقها المؤسسة الحزبية، ذلك أن التكفل التام بطباعة الجريدة هو فعل إدماجي، في حين يعتبر إشهار سيف المنع موقفا تهميشيا يندرج في إطار ترتيب قواعد اللعبة من جديد وفقا لما يريده الذين هم فوق، أما إعادة الإصدار بعد المنع السابق فهي فعلة تطبيعية ترنو إلى ضبط "اللعب" وإعلان الهدنة استعدادا لمعارك قادمة!!
بالطبع فهذه الآليات لا تختص بها مؤسسة حزبية دون غيرها، وإنما تشترك فيه، جميع المؤسسات الحزبية في هذا النسق السياسي نظراً للدينامية التي تؤطرها والتي تتكثف في الصراع القائم بين المركز والهامش، وتنضبط أيضاً لمبدأ إعادة الإنتاج ومقاومة التغيير خصوصا بالنسبة للمستفيدين من الأوضاع القائمة.
ومنه يصير الإدماج، التطبيع والتهميش فعلا أثيرا منتهجا من قبل الفاعل السياسي القوي في مواجهته للشباب وحركاتهم الراغبة في التحرر والخروج على أعراف المؤسسة، بحيث يتخذ هذا الفعل الثلاثي صيغا مختلفة تحددها المناسبات والظروف الموجبة!
الشيخ والمريد في مشهدنا الحزبي لا مجال للتقاعد السياسي. فالزعيم زعيم مدى الحياة، ، تدخلت فيها المؤسسة الحزبية بحيث من الزعامة أصل ملكية ينتقل بالوراثة. لتستمر إعادة الإنتاج الماسخة لنفس النخب وبتوصيل التضليل السياسي في اتجاه الإفلاس البين!! إن الزعيم في المؤسسة الحزبية هو المالك أبدا للحقيقة. شخصية كارزمية تتسربل بمسموح البركة والشرف، هو المنزه عن العهارة السياسية. له من الإيحاء ما لا يحصى. فهو المناضل. الثوري. الأب الروحي. الملهم.الشيخ .القائد المفكر ..تاريخه كله إباء وشموخ و حاضره كله نضال!
الزعيم الحزبي فلتة من فلتات الزمن، أسطورة حية، هذا ما تروجه كل المؤسسة حزبية عن زعمائها حتى تضمن استمرار شريطها السياسي، فقط لأن الناس دوما في حاجة إلى أنبياء وأصنام بعيدي.
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed