الخميس, 23 آب/أغسطس 2012 07:25

أطفالنا أكبادنا

كتبه  حسين سويلم
قييم هذا الموضوع
(1 تصويت)
baby-bالطفل هو النبتة اليانعة التي تنبت في بستان الأسرة البهيج وترتوي بحب وحنان من أبوين عطوفين، أوراقها يانعة ورائحتها ذكية، النظر إليها يمتع النفس ويريح القلب، تكبر يوما بعد يوم أمام ناظري الوالدين اللذين يغدقان عليها من حبهما وعطفهما ما لا يُوصف.

والأسرة هي المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الطفل من أبويه ما لا يتعلمه من غيرهما والكلمات الأولى المؤثرة في حياته، فهي التي يبدأ بها سجله الحافل بالمرادفات وهذه الأشياء التي يتعلمها الطفل من أبويه تظل راسخة في ذهنه مع مرور السنين، وإن لم يشعر بها ولكنها تؤثر في حياته بعد ذلك.

من أجل ذلك اهتم الإسلام بالطفل قبل أن يخرج للنور؛ فأوجب على الأب أن يختار له أمَّهُ وبعد أن يُولَد يختار له اسما مناسبا وبعد ذلك يعلمه القرآن والصلاة عندما يكون في سن تسمح له بذلك.

وكذلك اهتمت المجتمعات المتقدمة بهذا الطفل – الثمرة اليانعة في المستقبل – منذ أن كان جنينا في بطن أمه فأخذوا يدرسون كل شيء عن الطفل قد يؤثر فيه، سواء ارتبط ذلك بوالديه أو بأمه خاصة التي تحمله وترعاه وتحافظ عليه حتى يُولد ويخرج إلى الدنيا. ومن عناية الدول المتقدمة بأطفالها أن في بعض هذه الدول يُدَرِّس الطلاب في المرحلة الابتدائية أساتذة في الجامعات.


من هنا وجب علينا أن ننوه بأهمية دور الأسرة في حياة الأبناء؛ فالأسرة ليست مشروعاً لإنجاب الأطفال أو المباهاة بكثرة النسل، ولكنها دعامة من دعائم المجتمع يحسب لها ألف حساب، ولا بد أن يعرف مَنْ يُقْدِمان على الزواج (الزوجة والزوج) أن بينهما ميثاقا غليظا له قدسيته ومهابته واحترامه، فينبغي أن تبنى حياتهما على المودة والرحمة حتى يبارك الله في ذريتهما وينبتها نباتاً حسناً، قال الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) "الروم الآية 21".

فمن البداية يفكر الزوجان في تأسيس هذا الكيان – الطفل – حتى يتم – بفضل الله – بناء المجتمع ككل، فالمجتمع هو مجموعة من الأسر، بتعاونها وتكاتفها وتفاهمها وتعليمها والنهوض بها يتقدم المجتمع ويرتقي.

والطفل، محور حديثنا في هذا المقال، لا يرضع من أمه الحليب فقط ولكنه يرضع معه عادات ومؤثرات ومتغيرات وتقاليد وقيماً أخرى كثيرة؛ فالطفل يولد صفحة بيضاء ثم بعد ذلك يسطر في هذه الصفحة مَنْ حوله مِن الأشخاص ما يريدون.


قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ..."، فليحرص كل منا على أن يطبع في صفحات هؤلاء الأطفال ما ينفعهم في الدنيا والآخرة ويكون له أجر ذلك.

ومن أمثلة اهتمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالطفل والعناية به:

- يقول عمر بن أبي سلمة - رضي الله عنه وأرضاه: "كنت غلاماً في حِجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: يا غلام! سم الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ ممَّا يليك".

- وعن أبي العباس عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كنت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف"، وهكذا كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – ينتهز أي فرصة ليستثمرها وينفع بها الآخرين حتى لو كانوا صغاراً.

- ومن ذلك معاملته الحسنة لخادمه أنس بن مالك الذي كان صغيراً فقال أنس - رضي الله عنه :" خدمت النبي – صلى الله عليه وسلم - عشر سنين فما قال لي أُف ولا لِمَ صنعت ولا ألََّا صنعت". "رواه البخاري"

ومن الأشياء المهمة في تربية الأبناء:

- أن يحتسب الوالدان النية في إنجاب الأطفال وتربيتهم على التوحيد وأن يكون هدفهما من الإنجاب ابتغاء الأجر من الله .

- الطفل كالعجينة تشكله حيث تشاء فاحرص على غرس كل ما يفيده في الدنيا والآخرة.

- حرص الآباء على التنشئة الصالحة لأبنائهم حتى يكونوا أفراداً فاعلين في مجتمعهم مستقبلاً.

- أن يعرف الآباء أن الأطفال هم الرئة التي يتنفس بها الآباء عبير الحياة ونسيمها.

- تعليم الآباء لأطفالهم الأخلاق الفاضلة وسير الصالحين وإبعادهم عن التقليد الأعمى للغرب بعاداته السيئة التي تخالف الدين أحياناً.

- إقناع الأطفال بالصواب وتبرير الخطأ لهم وعدم تجاهل أسئلتهم.


- إجابة الآباء عن أسئلة أطفالهم بطريقة مقنعة وليس "فض مجالس".

- إيفاء الوالدين بوعدهما لأطفالهما حتى يثقوا بهما .

- أن يعرف الآباء أن الأبوَّة تكليف وليست تشريفاً.

- أن يكون الوالدان قدوة صالحة لأطفالهما في كل شيء.

- إعطاء الأطفال مساحة من التعبير عن آرائهم مع الحفاظ على الأدب وحُسن الخلق وعدم التجاوز.

- ربط الأطفال بالواقع وتعويدهم على حل المشكلات والتفكير الأمثل والاعتماد على النفس قدر المستطاع وإشراكهم مع الكبار حتى يقتدوا بهم.

- استخدام الآباء أسلوب الترغيب والترهيب في تربية أطفالهم أسوة بالرسول – صلى الله عليه وسلم.

- استخدام الآباء أسلوب القصص لأنه محبب إلى النفس البشرية ويجذب الصغير والكبير.

وأختم بقول الشاعر:

وإنما أولادنـــــا بيننــــــــا أكبـادنا تمشي على الأرض

إن هبت الريح على بعضهم لم تشـبع العين من الغمض

همسة محب: "أتمنى من كل مَنْ يقرأ هذا المقال أن يدعو الله - عز وجل - لكل مَن لم يرزق بأطفال أن يرزقه الله ذرية صالحة من أهل القرآن، ومَن رُزق بالذرية أن يبارك الله له فيها".
المصدر : www.kidworldmag.com
إقرأ 9961 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 25 أيلول/سبتمبر 2012 08:32
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed