طباعة

موفق الدين عبد اللطيف البغدادي

Posted in الثقافة

arabic-calligraphyهو مُوفَّقُ الدِّين عبدُ اللَّطيف بن يُوسُف بن مُحمَّد المَعروف بالبَغدادي، والملقَّب بابن اللبَّاد وابن نقطَة؛ من فَلاسفة الإسلام، وأحدُ العُلَماء المُكثِرين من التَّصنيف في الحِكمَة وعلم النَّفس والطبِّ والنَّبات والدَّواء والتَّاريخ والبلدان والأدب. كانَ دَميم الخِلقَة، قليلَ لحم الوَجه، قويَّ الحافِظَة، مُتَحلِّياً بالفَضائل، مَليحَ العِبارة.

 

 

وُلِد مُوفَّقُ الدِّين عبدُ اللَّطيف في بغداد ونُسبَ إليها ودَرسَ فيها، في كَنف أسرةٍ اشتُهرَ معظمُ رِجالها بعلوم الفِقه والحَديث والتَّفسير والأُصول، كانَ أبرزُهم والدُه يُوسُف الذي دفعَه إلى مَجالِس شُيُوخ بغداد كي يتلقَّى علومَه الأولى؛ ثم انتقلَ إلى المَوصِل، حيث التَقى الكَمالَ بن يُونس الكيميائي الشَّهير والشِّهابَ السَّهْرُوَرْديَّ، ومنها تَوجَّـه إلـى

حَلب، ثمَّ إلى دِمشق حيث اجتمعَ بشيُوخِها وعُلَمائها، وألَّفَ فيها بعضُ كُتُبه، ثمَّ انتقلَ إلى القُدس حيث قابلَ السُّلطانَ صَلاح الدِّين الأيُّوبِي الذي كان قد حرَّرَ بيتَ المقدس من أيدي الصَّليبيين وذلك سنةَ 588 هـ (يقول في ذلك: "... وتَوجَّهتُ إلى القُدس، فرأيتُه عَظيماً يملأ العينَ روعةً، والقلوبَ مَحبَّةً، قَريباً بَعيداً، سَهلاً مُحبَّباً، وأصحابُه يَتشبَّهون به ... وأوَّلُ ليلٍ حضرتُه، وجدتُ مَجلساً حَفلاً بأهل العلم، يَتَذاكرون في أصناف العُلوم، وهو يُحسِن الاستماعَ والمشاركة، ويأخذ في كيفيَّة بناء الأسوار وحفر الخنادق ...)؛ ثمَّ انتقلَ منها إلى دمشق التي درَّس فيها الطبَّ، ومارسَه في ظلِّ الملك الأفضل أكبر أولاد صَلاح الدين الأيُّوبِي، ثمَّ عاد بعدَها إلى القاهرة حيث كان يُدرِّس في الجامع الأزهر، وفي هذه المدَّة شهدَ المجاعةَ الكُبرى والأوبئةَ التي حَلَّت بمصر، فكتب كتابَه الشَّهير "الإفادة والاعتبار" وذلك سنةَ 600 هـ، ثمَّ عادَ إلى دمشق، وبقيَ فيها قُرابةَ عشر سنين، انتقل منها إلى حلب سنة 615 هـ، ومن هناك قصدَ بلادَ الروم، وكان في خدمة مَلكها علاء الدين بهرام صاحِب أذربيجان، كما زار عدداً من مُدن الأناضول وأرمينيَّة، وقفلَ بعدَها عائِداً إلى حلبَ، واستقرَّ فيها يُدرِّس الطبَّ والحديث والعربيَّة في جامِعها الأموي الكَبير.

أَخذَ مُوفَّقُ الدِّين دروسَه الأولى في مَجلِس كمال الدِّين عبد الرحمن الأَنباري، وعُرف منذ صِغره بشَغفه بالمطالعة والبَحث والحِفظ، فحفظَ - كما يقول عن نفسه - كتابَ "المُقتَضَب" للمبرِّد أبي العباس البصري، و "أدب الكاتب" لابن قُتَيبة. ثم انصرفَ إلى دراسة الفلسفة ومطالعَة كتب أرسطوطاليس وأفلاطون وعُلَماء الكلام؛ فدرس كتابَ "مَقاصِد الفَلاسفة" و "ميزان العمل" وغيرهما للإمام الغزالي. ووقفَ على كِتاب "النَّجاة" لابن سينا، ونسخَ له كتابِ "الشِّفاء" بخطِّ يَده. يقول مُوفَّقُ الدِّين عن نفسه: "وتربَّيتُ في حجر أبِي النَّجيب، لا أعرفُ اللعبَ واللهوَ، وأَكثرُ زَمانِي مَصروفٌ في سَماع الحديث، وأخذتُ لي إجازاتٍ من شُيُوخ بَغداد وخُرَاسان والشَّام ومِصَر".

لقد اِستهَوت مُوفَّقُ الدِّين دراسةَ الكيمياء، فطَلَبها في كُتُب جابر بن حيان وابن سينا، ولكنَّه سرعان ما سَئِم من طَلاسِمها ومن كتبَ فيها، وانقلَبَ عليها.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed