في بيان كيفية افتراق الأمة
الصفحة 12 من 13
إن الإسلام الحنيف يقر أن نصب الحاكم عن طريق الاختيار والإجماع والبيعة العامة واجب بحكم العقل وهو فرض عين وليس فرض كفاية وأن الشرع وظيفته تسديدية لأنه لم يذم الملك لذاته ولا حظر القيام به بل ذم المفاسد الناشئة عنه من قهر وظلم واستئثار وأثنى على طاعة الحكم الذي يحفظ النوع ويؤدي إلى امتناع الناس عن التظالم وارتفاع التنازع لأن ذلك من مقاصد الشرع. علاوة على ذلك لا يحصر الحكم في إمام واحد بل يمكن أن يوجد عدة أئمة في نفس الوقت مراعاة لتباعد الأوطان وتخالف الألسن وتعاقب الأزمان ثم لا يشترط أن يكون قرشيا أو من عرق نقيا بل يشترط فقط الانتماء والمواطنة والرغبة في الإيثار والتعالي عن المصلحة الشخصية وخدمة المصلحة العامة ويرى أنه ينبغي أن يقيد حكم الحاكم بمجموعة من الشروط أهمها الزمن وسلامة الأوصاف والأحوال والجري على منهاج الحق لأن مشروعيته تستمد من مصلحة المسلمين وإذا فقدت المصلحة فقد أن يكون وليا وأمينا على مصالح الأمة في دنياهم ودينهم. وقد أجمع الفقهاء على لاشرعية بيعة الإكراه طالما أن البيعة هي العهد على الطاعة وطالما أن المبايع يعاهد حاكمه بأن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور غيره ولا ينازعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره وقد لا يحصر الحكم في الرجل أو المسلم ويتعدى ذلك إلى المرأة ومن غير المسلمين من أهل الكتاب أو أولي العلم فقد حكمت بلقيس ملكة سبأ وقد كانت تشاورهم في الأمر و يذكر لنا التاريخ أعلام من غير المسلمين رفعوا لواء العلم في حضارة اقرأ عاليا . فكيف تسمى هذه السياسة الاستخفافية الديمقراطية الروحية عند محمد إقبال؟
خاتمة:
"على المسلم اليوم أن يقدر موقفه وأن يعيد بناء حياته الاجتماعية على ضوء المبادئ النهائية وأن يستنبط من أهداف الإسلام التي لم تتكشف بعد إلا تكشفا جزئيا تلك الديمقراطية الروحية التي هي منتهى غاية الإسلام ومقصده."[5]