الجمعة, 04 أيار 2012 19:53

إدارة الأزمات - رؤية منهجية لكافة الشركات

كتبه  اميل بشاي
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)

people-f-meetingالأزمة هي أي حدث مفاجئ غير مخطط له يتسبب بتهديد سمعة الشركة أو يزعزع ثقة المتعاملين معها. وقد يؤدي هذا الحدث إلى عواقب سيئة كتراجع الثقة، تغير البيئة التنافسية، اتهامات من الموظفين أو غيرهم، قرار حكومي مفاجئ، سيولة في المنتجات، أو أي نتائج سلبية غير مرغوبة.
إن أي أزمة مؤسسية يجب أن تتوجه إلى وسائل الإعلام والحكومة والعملاء

 

، عندما يكون الموقف ضعيفاً ويستدعي المبادرة. إن عملية إدارة الأزمات هي عملية منهجية متكاملة تهدف إلى التحكم بالآثار السلبية وتخفيف انعكاساتها ومنعها من امتداد نتائجها إلى المركز المالي للشركة، وكذلك بناء موقف أفضل لدى جميع المعنيين بالشركة من عملاء ومستثمرين وموظفين ومجتمع.
هناك هدفان يجب تحقيقهما بالتوازي عند إدارة أي أزمة وهما حل المشكلة، وبناء تواصل فعال.
ويرتكز الهدف الأول على الكشف عن سبب المشكلة المؤدية للأزمة، وهذا ما يتم عادة من قبل الموظفين المعنيين في الشركة. أما الهدف الثاني، فهو التواصل الفعال عبر تقديم كل المعلومات المرتبطة بالأزمة لجميع المعنيين بعمل الشركة، بما فيها وسائل الإعلام، والجهات المتضررة والمتأثرة بالأزمة، بالإضافة إلى العاملين والموظفين بالشركة. ويتطلب تحقيق الهدف تعاون إيجابي مع إدارة العلاقات العامة والخبراء القانونيين في الشركة بهدف إعداد التصاريح والنشرات الصحافية والإعلانات والتقارير المناسبة. وهنا يأتي دور الوكالات المتخصصة بالعلاقات العامة.
ورغم أن معظم الأزمات التي تصيب الشركات لها ملامح مشتركة عالمياً. فقبل بضع سنوات كانت قنوات التواصل محدودة بوسائل الإعلام الرئيسية، غير أن الوقت الحاضر يشهد وجود وانتشار عالم كبير من القنوات التواصلية التي لا يمكن التحكم بها وتوجيهها بشكل كامل.


فاليوم لدينا المدونات وشبكات التواصل الاجتماعي التي تبني مجتمعات افتراضية واسعة ومن كل مكان. وفي هذه البيئة الجديدة تكثر الإشاعات والأقاويل ويزداد حجمها من بضعة أشخاص ليصبح تداولها بين ملايين الناس. وعندما تقوم أي شركة بإعداد قنوات التواصل مع المجتمع، يجب ألا تنسى مجتمعها الداخلي من موظفين وشركاء لهم مجتمعاتهم الافتراضية الواسعة، وهو ما قد يسبب أحياناً تدمير وتقليل أهمية الرسائل الرسمية للشركة في تواصلها مع المجتمع.
والأزمات قد تحدث نتيجة أسباب داخلية وأحياناً خارجية. وهناك أزمات لا يمكن تجنبها كالكوارث الطبيعية والإشاعات. ولذلك يتوجب الاستعداد دائماً لمثل هذه الحالات.
إن عدم التخطيط لهذه المواقف قد يكلف الشركات كثيراً. فقد أظهرت الدراسات أن أسعار الأسهم قد تتدهور بنسبة 15 في المئة في حالة عدم قدرة الشركات على التعامل مع الأزمة التي تمر بها. بينما ترتفع أسعار الأسهم بمعدل 7 في المئة لدى الشركات التي تجيد التعامل مع هذه المواقف. (المصدر: أثر الأزمات على قيمة الأسهم للمستثمرين: دراسة برعاية مجموعة سيدويك (البحوث التنفيذية لأكسفورد، جامعة تمبلتون، 1997).
وحسب المعهد الأميركي لإدارة الأزمات، فإن 69 في المئة من الأزمات هي من النوع الذي يبدأ صغيراً ويستغرق أياماً أو أسابيع أو حتى أشهر قبل أن يصبح الموقف خارج السيطرة، وبالتالي يجتذب اهتمام الناس.
وأحياناً يتم تشخيص أو تقييم الأزمة بشكل خاطئ وذلك لما قد يعتقده البعض أنه مفاجئ جداً. غير أن هذا غير صحيح. فالحالات والحقائق والبيانات تؤكد على أنه معظم الأزمات تحدث تحت نظرنا ولكنها تستغرق بعض الوقت قبل أن تشب فيها النار.



وعلى الرغم من أن معظم الأزمات تأتي من مسائل بسيطة وغير مركزية، غير أن بمجرد أن تتطور لتصبح أزمة بارزة، فإنها تتشارك في ملامحها مع النمط العالمي للأزمات ومنها:
- المفاجأة والهلع
- المعلومات غير الصحيحة
- التسلسل المتصاعد للأحداث
- فقدان السيطرة
- التدخل القوي من الخارج
- العقلية المغلقة
- التركيز على الحلول قصيرة الأمد
ويمكن تقسيم الأزمة إلى ثلاث مراحل:

1 - التحضير/ المنع
وتكون خطة التواصل خلال هذه المرحلة مرتكزة على عدة محاور:
- تحديد قطاعات الخطر والتأثير وذلك عبر عمليات التدقيق على المخاطر وخاصة الاسم التجاري
- توجيه فريق إدارة الأزمات لما يجب عمله وكيفية التواصل مع الناس وماذا يجب التصريح عنه وهو ما يجب أن ينص عليه دليل التعامل مع الأزمات
- تزويد فريق إدارة الأزمات بالأدوات و المهارات اللازمة عبر دورات تأهيلية للتعامل مع الأزمات ومع الإعلام

2 - التعامل مع الأزمة/الاحتواء
إن التعاطي مع الأزمة يعني الجهود المبذولة لتقليص مدة الأنظمة أو إيقافها ومنعها من الوصول إلى أي أطراف أو جهات أخرى داخلية أو خارجية. إن الإدارة الناجحة للأزمات تعني التواصل الصحيح الذي لا يحد من تأثرها فقط، بل ويمكن أن يعكس النتائج لتزيد في السمعة الإيجابية للشركة قبل أن تتطور الأزمة.



في حالات الأزمات يكون الجميع تقريباً في حالة قلق أو هلع، ولذلك يتوجب وجود توجيه حول الطريقة المثلى لإدارة الأزمات تساعد الفريق المعني بهذه المشاكل على اتخاذ الإجراءات الصحيحة. إن التواصل المدروس في هذه الحالات هو أمر ضروري جداً. وتتضمن الأدوات المستخدمة في هذه الحالات: الأخبار الصحافية، الإعلانات، أفلام الفيديو الإعلانية، الموقع الالكتروني وغيرها. ومن الضروري وضع نظام دقيق لمراقبة وسائل الإعلام والصحافة الالكترونية وآراء الجمهور والعملاء والموظفين.
ما الذي يجب عمله؟ يقول وارن بافيت: «قم بالعمل بشكل صحيح، وسريع لتتخلص من الأزمة سريعاً».

3 - التعافي/إعادة الإطلاق
تشير مرحلة التعافي إلى إعادة أعمال الشركة إلى حالتها الطبيعية. من المهم ايضاً ان نعرف رؤية الآخرين للأزمة في هذه المرحلة، وتقصي آرائهم حول الشركة. ويمكن هنا بناء وتطوير قاعدة بيانات ومعلومات حول الجمهور المعني بالأزمة وبالتالي تتم الاستفادة من هذه البيانات في طريقة التواصل معهم حسب قنوات الاتصال المناسبة والفعالة.
إن مدى التأثير يجب أن يتم أخذه بعين الاعتبار دوماً: الموظفون، وسائل الإعلام، المستثمرون، المؤسسات الزميلة والشركاء، الحكومة وجميع الجهات ذات الصلة.
على الرغم من أن معظم الشركات الكبرى والرائدة لديها خطط واضحة للتعامل مع الأزمات وقت حدوثها، ومنهجية التواصل مع وسائل الإعلام والجمهور والأسواق المالية، غير أن قلة منها تمتلك خطة واضحة للتواصل مع موظفيها عند الأزمات. إن التواصل الاستراتيجي مع الموظفين هو ليس أمراً واجباً ومهماً، بل وإنه يشكل الاستثمار الأفضل الذي يمكن للشركة أن تقوم به في استجابتها لأي موقف طارئ وتحويل مقدماته السلبية إلى نهايات إيجابية. إن من تأثيرات الأزمة أنها تربك انتباه الإدارة العليا، وتخلق شعوراً بالارتباك، كما أنها ترفع مستوى الانفعالية داخل الشركة. إن التواصل الاستراتيجي مع الموظفين خلال أوقات الأزمات يساعد في خلق نوع من الاطمئنان وعدم الإحساس بالقلق لدى الموظفين، ما يساعدهم في التركيز على تلبية احتياجات عملائهم ووضع أولويات للأداء يكون أثرها إيجابياً في تجاوز الأزمة.


ويمكن للموظفين أن يكونوا بمثابة المتحدث الرسمي للشركة، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، وذلك عبر تواصلهم مع العملاء والشركاء والأصدقاء والجيران وحتى المنافسين. ولذلك يصبح بالغ الأهمية معرفة أن ما يشعرون به اتجاه طريقة تعامل شركتهم مع الأزمة يمكن له أن ينتقل إلى طريقة تعاملهم مع الآخرين بما فيها وسائل الإعلام. ومع الاستخدام الواسع للناس بمن فيهم الموظفون لوسائل التواصل الالكترونية الحديثة، فإن أهمية موقفهم يلعب دوراً بارزاً في معالجة أي أزمة قد تنشأ لدى الشركة.
إن استراتيجية التواصل الفعالة أثناء الأزمة يجب أن تتضمن ما يلي:
- لا تتصرف وكأن الأمر ليس مهما، في حين أنه كذلك.
- لا تحدد أكثر من عدد متحدثين رسميين للشركة.
- أخبر الجمهور بشكل دوري ودقيق مستخدماً لغة مفهومة للجميع وعبر وسائل الإعلام. وفي حال عدم القيام بذلك، ستنتشر الشائعات فتزيد الوضع سوءاً.
- يجب أن تبقي موظفي الحكومة والصحافة على اطلاع دائم وكامل. لا تنتظر اتصالهم.
- قدم وجهة نظر تنطلق من مصلحة الجمهور وليس من منطلق مصلحة الشركة.
- حافظ على اهتمامك أيضاً بالجمهور الخاص بك: من الموظفين، فريق المبيعات، والمساهمين.
- اجعل ممثلي الصحافة جزءاً من فريقك لإدارة الأزمة. فأنت تحتاج دعمهم في إيصال رسائلك للجمهور.
- لا تتكهن حول ما حدث.
- لا تدخل في متاهة لوم الآخرين.
- تجنب السلبية وطريقة (لا تعليق!).
- لا توجه انتقادك للمنافسين.
- لا تكشف أو تصدر معلومات حساسة.
- لا تقتصد بالمعلومات المقدمة للصحافة فهذا يزيد من مدة الأزمة



ولكن هل يمكننا أن نمنع تداول الأزمة؟ نعم، يمكن هذا عبر ثلاث خطوات: التقييم، التخطيط، والتدريب.
في البداية يكون لدينا تقييم لأدوات وقنوات ومصادر التواصل مع الأزمة. ومن ثم يأتي التخطيط، عبر كتابة وإعداد كتيب حول إدارة الأزمات وطرق التواصل خلالها، مع وجود خطوات وإجراءات واضحة للقيام بها أثناء الأزمة. يتم عقد دورات وورش تدريبية حول آليات ونظم التواصل مع الأزمات، وبناء حالات أزمة افتراضية لتدريب الموظفين عن كيفية التعامل معها. ولذلك من المهم جداً تطوير وإعداد نظرية تواصلية حول إدارة الأزمات للموظفين.

 

المصدر : www.stocksexperts.net

 

إقرأ 12809 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 25 أيلول/سبتمبر 2012 08:32
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed