الثلاثاء, 18 كانون1/ديسمبر 2012 22:46

الحرب والأمان النفسي للأطفال

كتبه  منى عبدالفتاح
قييم هذا الموضوع
(26 أصوات)

تترك الكوارث وبخاصة الحروب آثارها السيئة على نفوس الأطفال، وهي جرائم في حق الإنسانية جمعاء، وتزداد بشاعتها عندما يتأذى منها الأطفال الأبرياء. وآثار الحروب كثيرة فهي تلحق بالبيئة والعمران وتهد الاقتصاد القومي وتدمر البنية التحتية للدولة، أما أكثر نتائجها مأسوية تلك التي تلحق بنفوس الصغار وترافقهم طيلة سني حياتهم.

 

وقد صنف علماء النفس بصفة خاصة الصدمة النفسية التي تتركها الحروب لدى الأطفال في باب الآثار المدمرة، وهي مما جعل الخبراء المختصين يقومون بالدراسات المستفيضة وتحليلها للوصول إلى نتائج تساعد على بذل كل الجهود، والعمل على مراعاة الأطفال في زمن الحروب وإيوائهم وتأهيلهم وإبعادهم قدر الإمكان عن الآثار النفسية والمعنوية التي يمكن أن تلحق بهم.

وفي عالمنا العربي يقع الأطفال في فلسطين ولبنان والعراق والسودان والصومال ضحايا لهذه الحروب، فإن لم يستشهدوا فيها ويموتوا بدون ذنب فإنهم سيتجرعون كأس مراراتها وأصنافا من ألوان الشقاء والعذاب، وهم شاهدين عليها وعلى رعبها بصور تُحفر في ذاكرتهم، ولن يستطيعوا نسيانها مدى أعمارهم، خاصة وهم يشاهدونها صوراً حية تمثل بشاعة القتل بأقسى صوره، خاصة لو طال الموت عزيزاً أو قريباً للطفل.

وإذا كان الكبار يستطيعون تحمل الصدمات مع ألمها ومعاناتها، فإن الأطفال على العكس من ذلك، فإن ما يصاحب الحروب من أهوال ونكبات وصدمات كفيل بزعزعة نفس الطفل وأمنه مدى الحياة . وقد لا يدرك الأهل والمجتمع هذا الأثر في وقته، ولكنه بمرور الزمن تتفاقم حالة الطفل ويتحول المشهد المرعب والمفزع الذي رآه قبل سنوات في غمرة الحرب، يتحول إلى آفة نفسية لا يستطيع البرء منه إلا بعد علاج قد يطول زمنه.

أما دور مؤسسات المجتمع المدني فهو في تأمين الوسائل المناسبة لاحتواء ردة فعل الصدمات على الأطفال من جانب الأهل والمجتمع والمؤسسات المختصة. وللحرب آثارها المباشرة المعروفة، كما أن لها آثاراً غير مباشرة كتلك التي تكون دائرة في مكان بعيد وتُنقل صورها عبر الفضائيات، وهي عبارة عن مجازر بشرية لا يستطيع الأطفال استيعاب أن مثل هذا العنف يمكن أن يحدث من الإنسان لأخيه الإنسان. وواجب الجهات المعنية والمختصين النفسيين هو توعية الأطفال والاهتمام بتوازنهم النفسي حتى يستطيعوا استيعاب واقع الحروب وعدم آدميتها كواقع وليس كشيء مفروض.

أما دور الأهل في تخفيف آثار الصدمة النفسية وكيفية التعامل مع الأطفال في زمن الحروب فتفوق أهميته دور العلاج الطبي من هذه الآثار فيما بعد، وتعمل فيما تعمل كوقاية. وتكون الوقاية ببث الاطمئنان في نفوسهم وعدم ترويعهم ولا يتركونهم يتعرضون لهذه المشاهد المؤلمة ولا يواجهون أياً من هذه الآثار وحدهم؛ حتى لا يتفاقم أثرها السلبي داخل نفوسهم على المدين القريب والبعيد.

 

 

المصدر : www.kidworldmag.com

إقرأ 32754 مرات
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed