المقالات

طباعة

غريزة التلصص

Posted in المجتمع

خصوصيات الناس بين الستر والتستر :

بعض الناس يرون في الكشف الإعلامي (حتى في درجاته الفاضحة) ميزة وشفافية تدفع كل شخص لأن يحافظ على سيرته ومسيرته وأن يعرف بأن عين المجتمع تراقبه , وأن السكوت عن الأخطاء يؤدي إلى تفاقمها , والبعض الآخر يرى أن للناس خصوصيات يجب المحافظة عليها وصيانتها وسترها .

وهنا يختلط مفهوم الستر بمفهوم التستر , فالستر يعني الإحتفاظ بتفاصيل الحياة الشخصية بعيدا عن أعين الناس وآذانهم , وهو مفهوم إيجابي يجعل لحياة الناس الخاصة حرمة ويضع الحدود بين العام والخاص , فليس كل ما يعرف يقال , وليس كل ما يحدث في الغرف المغلقة قابل للنشر على صفحات الجرائد والمجلات . والفرق بين الستر والتستر , هو أن الأخير يعني التغطية على جرائم وأحداث شخصية تضر بالمجتمع وتشكل تهديدا لسلامته , فمثلا إذا كان هناك شخص قد جعل من شقته مكانا لممارسة الدعارة أو الإرهاب فهذا يستدعي الكشف والملاحقة , ولكن بضوابط قانونية .

التلصص الحكومي :

قد يستدعي الأمر (أو لا يستدعي) عمل تسجيلات او تصوير مشاهد من حياة بعض الناس وخصوصياتهم لأهداف قانونية أو سياسية , وفي الدول المتقدمة التى ترعى حقوق الإنسان وتقدسها نجد أن ذلك يتم في أضيق الحدود وبضوابط غاية في الدقة ولأهداف تحقق المصلحة العامة أو تدفع خطرا يهدد المجتمع , أما في المجتمعات المتخلفة والإستبدادية فإن ذلك يتم بشكل واسع وبأقل الضوابط أو حتى بدون ضوابط , وتتسع دائرة الإشتباه لتشمل المعارضين السياسيين والمعارضين المحتملين , وتتكدس الأشرطة المسجلة , وربما تتسرب بقصد أو بغير قصد لتشكل عوامل اغتيال لبعض الشخصيات المؤثرة . وقد اكتشف الرئيس السادات –رحمه الله وغفر له – حين توليه , كميات هائلة من الأشرطة المسجلة لمسئولين وشخصيات عامة فأعلن إحراقها , ولكن للأسف الشديد لم تتوقف عادة التلصص بعد هذه الواقعة , وقد تساق لها مبررات واهية أو منطقية , ولكنها في النهاية من الأفعال التي تصنف ضمن انتهاكات حقوق الإنسان التي نتمنى أن نكف عنها .

وبعد أحداث 11 سبتمبر توسعت إدارة الرئيس بوش في التلصص على الأجانب المقيميمن في أمريكا , بل وعلى الأمريكان أنفسهم , وكان هذا من مساوئ هذا العهد حيث فقدت أمريكا أحد أهم مقوماتها كدولة ديموقراطية وراعية لحقوق الإنسان .

الآثار النفسية والإجتماعية للتلصص :

  • من ناحية المتلصص , فهو بتعود على اختراق الحواجز والتهام لحوم الناس وأعراضهم , وتزداد رغبته في ذلك لدرجة التوحش , وتقل لديه الحساسية تجاه مسألة الأسرار والأعراض فيصبح مستهلكا نهما لكل ما يخص الناس في دقائق حياتهم , بل ويتكسب من ذلك مالا أو مكانة مهنية أو اجتماعية أو سياسية أو أمنية

  • ومن ناحية المتلصص عليه , فهو يشعر بالتعري والغدر والخيانة , ويشعر بالسهام تأتي إليه من كل مكان , وقد تنهار سمعته ومكانته الإجتماعية , وقد يمتد هذا الإنهيار لينال من أبنائه وأقربائه وأحبائه , ويجد نفسه أمام نار هائلة تلتهم كل شئ في حياته دون وجه حق , وقد تحدث الأخبار المنشورة والناتجة عن التلصص شرخا أو صراعا عائليا يصعب رتقه بعد ذلك

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed