المقالات

طباعة

والله لتُسألن عن الفيسبوك

Posted in الثقافة

ولما كانت صفحتك منبر خطابة، فإياك أن تكون كالشمعة التي تضيء لغيرها وتحرق نفسها، فكثير من الناس ينشرون كلمات طيبة وحِكم جميلة وقصص معبرة، لكن سلوكه على أرض الواقع مغاير وفعاله مخالفة، فيخشى على كثير من مستخدمي الفيسبوك وغيرها من صفحات التواصل الاجتماعي أن ينطبق عليهم قول ربنا( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ )[12].

لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عـــظيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فـــــإذا انتهت فأنت حــكيم
فهناك يُسمع ما تقول ويُشتفي *** بالقول منك وينفع التعليم

ولخطورة الأمر لنتأمل معاً حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وعقوبة الخطيب الذي خالفت أقواله أفعاله، يقول عليه الصلاة والسلام( أتيت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت وفت فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون و يقرءون كتاب الله و لا يعملون به)[13].
فالحذر كل الحذر من مخالفة التغريدات الأفعال، ومباينة الأقوال حقيقة ما نحن عليه بأرض الواقع، وألا نكون كالمنافقين الذين ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ )[14]، وكذلك يقول عليه الصلاة والسلام محذرا من هذه الظاهرة الخطيرة التي أشبه ما تكون بالفصام النكد؛ ( مثل العالم الذي يعلم الناس الخير و ينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس و يحرق نفسه )[15]، فكل من بلغ آية أو حديثا أو موعظة وحكمة وفائدة فهو عالم بها، ينبغي عليه تطبيقها حتى تلقى صدى حقيقيا وتخرج من القلب إلى القلب.

إياك والخوض مع الخائضين
كثير من مستخدمي الفيسبوك أو عموم الشبكة العنكبوتية، يريدون إثبات وجودهم من خلال الإدلاء بالرأي في كل شيء، أو نشر ما هب ودب، وتناقل المقولات والأخبار والقصص بل بعض الأحيان الأحكام الشرعية وغيرها دون أدنى تثبت أو روية، مما يوقع الكثير في المخالفات الشرعية التي بعضها يصل إلى الكفر أو الفسق أو البدعة والمعصية دون معرفة أو استشعار.
ما ينبغي أن نحرص عليه هو التثبت أولا مما نكتبه وننشره، وتمحيص ما نقرأه ونطلع عليه، وغربلة ما نتناقله عبر التغريدات أو حتى الرسائل الخاصة، والتحقق ومطابقة ما نود التعليق عليه أو الإعجاب به، هل هو حق أو باطل؟ صدق أو كذب؟ موافق أم مخالف للشرع؟!
مما لا شك فيه أن عالم الانترنت عالم كبير مفتوح ويحوي الغث والسمين، الصالح والطالح، النافع والضار، فمن ليس لديه حصانة شرعية أو حصافة فكرية أو تعامل عقلاني، فإنه سيزل لا محالة، لذلك يجب أن لا نستعجل في تناقل كل ما هو منشور دون روية أو تأني، ولا حتى الإعجاب بكل ما هو منشور تمشيا مع أهواء الناشر أو بحسب اسم الناشر ومدى قربنا منه ومحبتنا له، فالحق لا يعرف بالرجال أعرف الحق تعرف أهله.
احرص على استقلاليتك وشخصيتك الواضحة بعيدا عن التقليد الأعمى، ولا تكن إمعة إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت معهم، ولا تُعجب إلا بكل ما هو حق، ولا تجامل على حساب دينك، ولا تنقل كلمة أو معلومة حتى تعرضها على شرع الله، فإن وافقت فلك بذلك الأجر وإن خالفت فستحمل وزر كل من يقرأها أو يطلع عليها ويتضرر منها.
يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كنّا في الجاهليّة نعدّ الإمّعة الّذي يتبع النّاس إلى الطّعام من غير أن يدعى، وإنّ الإمّعة فيكم اليوم المُحقِب[16] دينه.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed