المقالات

طباعة

هل يتفلسف الأطفال !؟

Posted in الثقافة


ولكن كيف تتم هذه الممارسة الديمقراطية بروحها الفلسفية؟ ما هي أبعادها وطبيعتها؟

في هذه الممارسة الفلسفية يمكن للمعلم أن يجلس مع والأطفال في صورة دائرة في قاعة الصف، ويقوم المعلم بقراءة نص أو فقرة تتضمن خبرا أو مادة فكرية. وبعد ذلك يتم بناء مجموعة من الأسئلة والتساؤلات حول النص المقروء، ثم يجري الحوار بين الجماعة حول هذه الأسئلة، على أساس الحوار المنهجي المنطقي ومعاييره الأساسية.

دور المعلم :

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما الدور الذي يلعبه المعلم في هذه الوضعية المفترضة ؟ ومما لاشك فيه أن المعلم هنا يؤدي دورا نموذجيا. في هذه الوضعية يشارك المعلم بحماسة في الحوار ويعمل على توجيهه وتحريضه وإثارته، كما يعمل أيضا على تسهيل مجريات الحوار بين الأطفال. المعلم في وضعيته هذه يجب ألا يقدم إجابات بل يستثير التساؤل ويحرض عليه، كما يتوجب عليه أن يساعد الأطفال على احترام وجهات النظر الأخرى لأفراد الجماعة، ويساعد الأطفال على احترام القواعد الأساسية للحوار بين افراد الجماعة أو المجموعة.

وخلال الحوار فإن المعلم يستخدم الأدوات التي يقتضيها الكتاب المدرسي : مخطط المناقشة والحوار وذلك من أجل تعميق فهم الأطفال بالمفاهيم الفلسفية وبالممارسات التي تؤدي إلى بناء المهارات المعرفية والمنطقية عند الطفل .كما يعمل على إعادة بناء مضمون الحوار ثم يعطيه مضمونا سائغا يتميز بالبساطة والوضوح والتكامل. وتأخذ هذه العملية من قبل المعلم صورة تحكيم يتعلق بمضمون الحوار دون أن يتخذ موقفا مسبقا ومحددا من مضمون الحوار نفسه، لأن اتخاذ هذا الموقف قد تترك انطباعات سلبية غير منطقية أو فلسفية في تفكير الأطفال.

ولكن كيف يستطيع معلم من غير تأهيل فلسفي أن يؤدي هذه المهمة الفلسفية ؟ ببساطة يمكن تأهيل هؤلاء المعلمين عبر دورات تربوية مكثفة في أحضان المدرسة ذاتها وعبر جلسات وسيمينارات يشرف عليه ويوجهها متخصصون في الشأن الفلسفي.

ومع أهمية هذا التدريب والتعليم القصير الأجل للمعلمين من أجل ممارسة التربية على أسس فلسفية فإن هذه الفكرة تستثير القلق. إنه لمن الصعوبة بمكان نظريا القول بأنه يمكن بناء المعلم الفيلسوف بهذه السهولة التي يمكن له فيها أن يتجاوز العقلية التقليدية للتعليم وأن يمتلك هذه القدرة على تأصيل منج فلسفي جديد.

إن الصعوبة الرئيسة التي يواجهها هذا النهج في الممارسة التربوية للفلسفة تكمن في غياب القدرة على ترجمة النصوص الفلسفية إلى مواد وتبسيطها بحيث يمكن للطفل أن يفهمها ويناقشها في آن واحد. ومن أجل هذه الغاية يمكن للمعلم أن يكتب قصصا يكون أبطالها من الأطفال، ويراعى في ذلك أن شخصية الأطفال في النص مساوية للمستوى العمري نفسه للأطفال في الصف. وأن يراعى في هذه القصص أن تتبنى الحوار السقراطي أو أن تكون قابلة للتصريف في حوار فلسفي من طبيعة سقراطية.
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed