نفوذ الانترنت على الصحة النفسية الجنسية
العامل الثالث و الاخير الذي يلعب دوره و يحاول التسلط و النفوذ على الانسان و سلوكه الجنسي هو الفكر الديني. ان الوعظ الديني عبر الفضاء لا يقتصر على الدين الاسلامي فقط و انما يشاركه في ذلك جميع الاديان السماوية و غير السماوية. لمن يتتبع القنوات الفضائية العربية سيلاحظ ان المواعظ الدينية لا تقتصر على قنوات خاصة و انما هناك الكثير من القنوات العامة الاخبارية و الترفيهية التي تتنافس على بث هذه البرامج بصورة منتظمة. اصبحت القنوات مصدراً لأطلاق الفتاوى الدينية بدون قيود، و خلقت ايضاً نجوماً ينافسون نجوم السينما و التلفاز في تأثيرهم على الرجال و
النساء.
كذلك هناك العديد من المنتجات الدينية الصوتية و البصرية التي يكتظ بها السوق العربي، و التنافس على اشده على شبكات الانترنت. ما عليك الا ان تتبع شبكة الفيس بوك الاجتماعية و التوتر لتدرك بان عالم الفضاء انتج العديد من رجال الدين و بمختلف الاعمار. كما هو الحال مع السيرة الشخصية لرجال ونساء الفن، فان سلوك رجال الدين له تأثيره على العامة من الناس، و بعضها لا تخلوا من الأثارة حيث في كونه مزواجاً مطلاقاً.
يفتي الكثير من رجال الدين في مسائل السلوك الفردي الجنسي . السبب في ذلك يعود ان القواعد القانونية في الاحوال المدنية و القضايا الجنائية خاضعة للسلطتين التشريعية و التنفيذية في كل قطر عربي، اما قواعد السلوك الفردي و التواصل بين الجنسين فهي خارج هذه الصلاحيات و لا تعني السلطات بها من قريب او بعيد. من جراء ذلك يصعب على الانسان العربي ان يفهم قانونية و شرعية العلاقات الجنسية بين الجنسين المصاغة باطار ديني الى حد ما مثل زواج المسيار، زواج المتعة، و الزوج العرفي. هذه العلاقات الجنسية بين الرجل و المرأة هي من اختصاص الفتاوى الدينية و لا أظن انها من
اختصاص السلطات المدنية في أي بلد عربي، و ان كنت غير واثقاً من هذا.
لا يتوقف تدخل رجال الدين في انواع الزيجات الشبه قانونية و انما يشمل التدخل بكل ما له علاقة مباشرة او غير مباشرة بالسلوك الجنسي للفرد مثل زينة المرأة و الرجل، ممارسة العادة السرية، و الجماع بين المرأة و الرجل. يتم تصويب هذه الآراء نحو الناس باستقطاب واضح لا تزيد المستلم منها الا الارتباك.
ان علاقة السلوك الجنسي الفردي و في المجتمع عامة مع الشرائع الدينية ليست حديثة. يمكن ان نتفحص تاريخ هذه العلاقات بين الاديان و السلوك الجنسي بدراسة التاريخ الاوربي الحديث. في بداية القرن السادس عشر و مع بداية الانقسام الكنيسة و ولادة الحركة البروتستانتية، كان المفهوم السائد ان السلطات الدينية الكاثوليكية قد فقدت سيطرتها على السلوك الاجتماعي و مواقفها من السلوك الجنسي اللاأخلاقي لم يكن متساهلاً فحسب و انما مضللاً للراي العام.
كان الراي العام ينادي بضرورة اصدار اشد العقوبات الصارمة بحق كل زاني و زانية. كان التطرف على اشده من البروتستانت و توجيهم الاتهام بعد الاخر الى الفاتيكان حتى بدأ البعض يطلق عل روما اسم عاهرة بابل3. كان الاعتقاد السائد ايامها ان من الغباء ترك اجتهاد المسائل الاخلاقية الدينية و الجنسية لعامة البشر، لانهم و ان كانوا ذي نية حسنة فهم يفتقرون الى ذلك البعد الروحي و الفكري لتسيير أمور حياتهم. بعبارة أخرى لا بد من اصدار الفتوى بعد الاخرى لتنبيه المواطن الى محاسن الاخلاق و السلوك الجنسي.