المقالات

طباعة

العنف: بين ماهيته السوسيولوجية وجذوره السيكولوجية والتربوية !!!

Posted in الثقافة


وفي السيكولوجية والتربية حيث يجري البحث عن الجذور الفردية والعوامل المهيأة في نشأة العنف ومعرفة أسبابه الكامنة, وحيث أن الفرد عضو في الجماعة, فأن معرفة الجذور الذاتية للعنف يعني بالضرورة فهم العنف ومحركاته الأساسية على النطاق المجتمعي. وفي هذا المجال تنتظم العديد من النظريات لتفسير ماهية العنف سيكولوجيا وتربويا, ولعل أبرزها النظريات والآراء الآتية:

1 ـ النظرية البيولوجية ( الغريزية ) : ووفقا لهذه النظرية أن السلوك الإنساني يعكس الطبيعة الإنسانية, وبأن الدافع للسلوك تنبع من قوة غريزية تنطلق تلقائيا, وقد طور داروين هذا المفهوم واقتفى أثره الكثير, منهم فرويد ولورنز وغيرهما ممن رأوا بأن العدوان ينبع من دافع داخلي ويدفع صاحبه للتعدي على الغير مباشرة أو على الأشياء أو بصورة غير مباشرة في مختلف النشاطات كالرياضية والألعاب التنافسية وحتى الوصول إلى السلطة وغيرها من الوسائل التي تعبر عن وجود مثل هذه الطاقة الغريزية.

بالنسبة لفرويد ( 1856 ـ 1939 ) فقد أكد أن هناك غريزتين متناقضتين تفسر السلوك الإنساني, أولهما غريزة آيروس أو غريزة الحياة, ورأى بأن لهذه الغريزة طاقتها والتي أطلق عليها مصطلح اللبيدو, وبأن هذه الغريزة تتوجه نحو التكاثر والإبقاء على الحياة, والغريزة الأخرى هي غريزة ثاناتوس, أو غريزة الموت, ورأى أن هذه الغريزة لها طاقتها, وبان هذه الطاقة تتجه نحو الدمار وإنهاء الحياة, وتحقق هذه الغريزة الهدف الأقوى في النفس الإنسانية وهي الرجوع إلى حالة ما قبل الحياة, إلا أن هذه الغريزة إذا ما أحبطت فأن لطاقتها أن تتوجه نحو الغير بدلا من توجهها نحو الذات, وعلى الرغم من المخارج التنفسية لهذه الغريزة كحالات الغضب أو النشاطات التنافسية, إلا انه رأى أن هذه الحلول مؤقتة ولا تجدي نفعا, إلا بالعودة إلى ما قبل الحياة أي الموت, ورأى أن التعاون والتضاد بين هاتين الغريزتين هو الذي يحدث ظواهر الحياة والتي يضع الموت نهاية لها .

أما بالنسبة لكونراد لورنز ( 1903 ـ 1989 ), وهو متخصص في السلوك الحيواني, فهو يرى بان العدوان الإنساني ينبع بالأساس من غريزة النزال والتي يشاطر فيها غيره من الحيوانات. وقد أكد أن غريزة العدوان في الإنسان والحيوان تخدم غرضين أساسيين: الأول هو تحفز الصنف الحيواني على الانتشار والهجرة وذلك بهدف الحصول على أكبر قدر ممكن من مصادر المحيط, وهذا يتضح من مسالك العنف التي تبديها الحيوانات نحو بعض أفرادها ودفعها للهجرة من مناطقها التي تعيش فيها إلى مناطق أخرى, أما الوظيفة الثانية التي تخدمها غريزة العدوان فهي ضمان بقاء الأقوى والأصلح مما يضمن إقصاء الأضعف من البقاء ودوام الأقوى بالتكاثر. أما الجديد والمثير في نظريته هو أن طاقة العدوان قابلة للتجمع مع مرور الزمن إذا لم تصرف في حينها, وبان العنف والعدوان ينشا بصورة تلقائية ومتواصلة وبسرعة ثابتة, وبان إطلاق العدوان ينجم عن تفاعل عاملين أولهما مقدار الطاقة العدوانية المتجمعة, وثانيهما توفر العامل المطلق في المحيط وقوة هذا العامل. ورغم الانتقادات الموجه لهذه النظرية من حيث كون أساسياتها استخلصت من عالم الحيوان إلا إن بإمكان المرء أن يلتمس الكثير من مظاهرها في سياقات السلوك الإنساني.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed