المقالات

طباعة

العنف: بين ماهيته السوسيولوجية وجذوره السيكولوجية والتربوية !!!

Posted in الثقافة


وتتناول الأدبيات المتخصصة بموضوع العنف الكثير من تصنيفاته وأنواعه, والتي تتداخل في غالبيتها مع أنواع العنف التي ذكرناها سلفا, ونكتفي بالإشارة إليها دون الخوض في تفاصيلها لسهولة فهمها اصطلاحيا ارتباطا بما ذكرناه سابقا, وهي على النحو الآتي: العنف المعنوي, العنف اللفظي أو الشفوي, العنف البدني, العنف الديني, العنف التلقائي, العنف المادي, العنف الفوضوي, العنف الجماعي, العنف الفردي, العنف الرسمي, العنف المجرم الغير الرسمي, العنف غير القانوني, العنف المشروع, العنف المتبادل, العنف ألانحرافي, العنف السياسي, العنف الاقتصادي, العنف اللاعقلاني, العنف العقلاني, العنف الانفعالي, والعنف المنشأ " وهو نوع من العنف تلعب وسائل الاتصال دورا بارزا في إحداثه " .

وقد تحدثت أدبيات الفكر السوسيولوجي والفلسفي تاريخيا عن العنف من حيث أشكاله, وكيف تولد العنف في التاريخ وما هي الأدوار التي لعبها, ومن أين اكتسب مشروعيته وهل هناك عنف مشروع أصلا. ومجمل هذه الأطروحات تنسجم مع الاتجاهات العامة التي وردت في المقال. ويمكن الإشارة إليها هنا باختصار شديد. فعلى مستوى أشكال العنف فقد تم تقسيمه إلى العنف البدني, والذي تحدث عنه  ايف ميشو ( 1942 )  بأنه الضرر والألم المقصود الذي ينصب على جسم الكائن ويترك أثرا قابلا للملاحظة والتحقق منه, مثل الضرب والقتل والتعذيب والحرب والتجويع وغيرها, ويعتبر العنف من الظواهر التي ترتبط بتربية  الأفراد وثقافتهم مثلما ترتبط بالمؤسسات المجتمعية والأنظمة السياسية. فكما هناك أفراد يمارسون العنف كذلك هناك أنظمة سياسية بوليسية تقيم المعتقلات والمعسكرات للتعذيب الممنهج. وقد ساعد التطور التقني المعاصر في تطوير وتيسير أساليب فعل العنف وجعلها أكثر فتكا, إلى جانب الاستخدام الواسع والمنظم لوسائل الإعلام التي تروج لمختلف مظاهر الإبادة والتعذيب والتخريب؛ والشكل الثاني من العنف هو العنف الرمزي كما يسميه المفكر الفرنسي  بيير بورديو ( 1930 ـ 2002 )  وهو أكثر فاعلية,  وهو " عبارة عن عنف لطيف وعذب, وغير محسوس, وهو غير مرئي بالنسبة لضحاياهم أنفسهم, وهو عنف يمارس عبر الطرائق والوسائل الرمزية" كالكلام والتعليم والتربية والثقافة وأساليب التنشئة الاجتماعية وأشكال التواصل داخل المجتمع, فيلحق الضرر بالغير بطريقة لا تثير انزعاجا, بل أن الذين يمارس عليهم هذا العنف قد لا يعتبرونه عنقا وقد يساهمون في إنتاجه وترويجه وكأنه حتمية وجودية, إذ يتلقى الناس أفكارا وأراء ومسلمات كأنها حقائق مطلقة وثابتة, ويقبلونها بكل تلقائية وتسليم. هذا النوع من التلقي يسميه بورديو ب " الإقناع الصامت والسري " الذي يفرض الهيمنة والسلطة !!!!.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed