المقالات

طباعة

فن اختيار شريك الحياة

Posted in الثقافة


وهذا الحديث الشريف أعطى أهمية أكبر لذات الدين, فارتباط المرأة (أو الرجل) بالدين يعني ارتباطها بالله وتقديسها له, وينتج عن هذا التقديس احترام لإنسانية الإنسان وكرامته -لأنه أكرمُ مخلوقاتِ الله-, واحترام للحياة والحفاظ عليها -لأنها نعمة من الله تعالى-, وبالتالي تبني الحياة الزوجية على مفهوم القداسة ومفهوم الاحترام ومفهوم الكرامة ومفهوم السكن ومفهوم المودة والرحمة, وكل هذه المفاهيم عوامل نجاح للحياة الزوجية, أما من تُسقِط هذه الاعتبارات من الحياة الزوجية فالحياة معها تكون في غاية الصعوبة.
ومع هذا لا نغفل بقية الجوانب
والتي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى فقال: "خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا أقسمت عليها أبرتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك" ( رواه النسائي وغيره بسند صحيح ).

ونلحظ أن هذا الحديث بدأ بالمنظر السار للمرأة ثم أكمل ببقية الصفات السلوكية. وقد خطب المغيرة بن شعبة امرأة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" (أي تدوم صحبتكما) [رواه الترمذي]
والنظر هنا يختص بالناحية الجمالية وناحية القبول والارتياح الشخصي والتآلف الروحي.
وقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم أم سليم إلى امرأة فقال: "انظري إلى عرقوبها وشمي معاطفها" وفي رواية "شمي عوارضها" (رواه أحمد والحاكم والطبراني والبيهقي).
ولما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بزواج جابر بن عبد الله من امرأة ثيب قال له: "هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك". (متفق عليه)

من كل هذه الأحاديث نفهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جعل عامل الدين والأخلاق عاملاً مهمًا جدًا ومؤثرًا في الاختيار ومع ذلك لم يسقط العوامل الأخرى التي يقوم عليها الزواج بما في ذلك العوامل الجسدية.

* سر الانجذاب السريع لبعض الأشخاص (الحب من أول نظرة) :
يرجع ذلك إلى الاحتمالات التالية منفردة أو مجتمعة:
1- الخبرات المبكرة في الحياة, حيث ارتبطت في أذهاننا صور بعض الأشخاص الذين ربطتنا بهم ذكريات سارة أو قاموا برعايتنا, لذلك حين نقابل أحدًا يشترك في بعض صفاته مع أولئك الذين أحببناهم فإننا نشعر ناحيته بالانجذاب, وهذا الشعور يكون زائفًا في كثير من الأحيان فليس بالضرورة أن يحمل الشخص الجديد كل صفات المحبوب القديم بل ربما يتناقض معه أحيانًا رغم اشتراكهما في بعض الصفات الظاهرة.
2- قد يكون الانجذاب سريعًا وخاطفًا ولكنه قام على أساس اكتشاف صفة هامة وعميقة في المحبوب, وهذه الصفة لها أهمية كبيرة لدى المحب وهو يبحث عنها من زمن وحين يجدها ينجذب إليها وقد تكون شخصية المحبوب محققة لذلك التوقع وقد لا تكون كذلك.
وهذه هي أهمية اللقاء الأول والذي يحدث فيه ارتياح وقبول وألفة أو العكس بناءًا على البرمجة العقلية السابقة والصور الذهنية المخزونة في النفس. واللقاءات التالية إما أنها تؤكد هذا اللقاء الأول أو تعدله أو تلغيه.

* الحب والعناد:
حين يستحكم الحب من شخص فإنه يكون في غاية العناد فلا يستطيع سماع نصيحة من أحد ولا حتى سماع صوت عقله, فهو يريد أن يعيش حالة الحب في صفاء حتى ولو كان مخدوعًا, فلذة الحب لديه تفوق أي اعتبارات منطقية, وكلما زادت مواجهة هذا المحب كلما زاد إصراره, ولذلك من الأفضل أن يترك دون ضغوط ليرى بنفسه من خلال المعايشة الحقيقية (خطوبة مثلاً) أن في محبوبه عيوبًا لم يكن يدركها في حالة سكره وعناده, وبالتالي يستطيع هو تغيير رأيه بنفسه, أي أننا ننقل المسئولية إليه (أو إليها) حتى يفيق من سكرة الحب ويخرج من دائرة العناد. وهذا الموقف نقابله كثيرًا لدى الشباب حيث يصر أحدهم على شخص معين بناءًا على عاطفة حب قوية وجارفة ولا يستطيع رؤية أي شيءٍ آخر,

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed