طباعة هذه الصفحة
الثلاثاء, 24 نيسان/أبريل 2012 15:01

الحبة السوداء قيمتها الغذائية وفوائدها الصحية

كتبه 
قييم هذا الموضوع
(11 أصوات)

black-seedعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام" قال ابن شهاب: والسام الموت، والحبة السوداء الشونيز. رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد، واللفظ للبخاري.

 

 

 

المقدمة:

تعد الحبة السوداء ، أو ما يعرف بحبة البركة، أحد أكثر أنواع النباتات الطبية شيوعا وأكثرها انتشاراً على المستويين العلمي والشعبي. وقد اهتم الأطباء بهذه النبتة منذ القدم، واستعملوها في العصور المتتابعة كأحد النباتات الطبية التي توصف لعلاج الكثير من الأمراض والاعتلالات. ومع تقدم الزمن، وتطور وسائل البحث العلمي، تطورت المعرفة حول هذه النبتة نظراً لتراكم وتناقل الخبرات حولها منذ زمن بعيد يمتد من العصر الفرعوني مرورا  بالقرون الوسطى وانتهاء بالوقت الحاضر، حيث ما تزال هذه النبتة تحظى باهتمام الأطباء والباحثين في المجالات الصحية والتغذوية.

ومن خلال هذا المقال ، سأحاول أن ألقي الضوء على بعض الجوانب الصحية والتغذوية لهذه النبتة المهمة، مستفيدا بذلك من البحوث والمقالات العلمية، وكذلك كتب التراث التي تعد أصلاً من أصول دراسة هذه النبتة.

ما هي الحبة السوداء ؟

نبات الحبة السوداء هو نبات عشبي حولي اسمه العلمي Nigella sativa ، وينتمي إلى العائلة الحوذانية أو الشقيقية Ranunculaceae ، ويعتقد أن  هذه النبتة نشأت أصلا في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، ومنها انتقلت إلى مناطق الحجاز وشمال أفريقيا وأجزاء من قارة آسيا.

وتتكاثر هذه النبتة بشكل ذاتي وتكوِن كأسا ثمرية تضم حبوبا بيضاء مثلثة الشكل. وعندما تنضج الثمرة  تنفلق مبرزة الحبوب البيضاء ، حيث تتعرض بدورها للهواء وضوء الشمس فتتحول إلى اللون الأسود مكونة بذلك الحبة السوداء.


وتعرف الحبة السوداء بأسماء عدة تختلف باختلاف الجغرافيا والثقافات، فهي تعرف في أوروبا بالكراوية السوداء والكمون الأسود والحبة السوداء، وفي فرنسا تحديدا تعرف بزهرة الشومر، وتعرف في مصر بحبة البركة، وفي بلاد الشام بحبة البركة والقِزحة، و في أفريقيا تعرف ب " كالونجي"، وفي أمريكا  بزهرة جوزة الطيب، وأكثر الأسماء شيوعا وانتشارا فيها هو حبة" الحب في السديم" Love in the mist ، وفي اليونان تعرف الحبة السوداء بالكزبرة الرومانية، وأما لفظة الشونيز الواردة في الحديث الشريف فهي التسمية الفارسية للحبة السوداء .

نبذة تاريخية:

عرفت الحبة السوداء منذ قرابة ألفي عام، فقد وجدت في قبر الملك الفرعوني توت عنخ آمون، ويستدل من وجودها في هذا القبر أن حبة البركة كانت تشكل جزءاً من معتقدات الفراعنة، حيث كانوا يضعون في قبور ملوكهم كل ما يعتقدون أنه ضروري ومساعد لهم في حياتهم الآخرة بعد الممات.

وقد ورد ذكر الحبة السوداء في الكتب السماوية، إذ ورد ذكرها في العهد القديم (التوراة)، حيث سميت بالقزحةKetsha، وهي التسمية العبرية للحبة السوداء، كما أشار إلى ذلك صاحب قاموس إنجيل إيستون.

وفي القرن الأول بعد الميلاد، أوصى الطبيب الإغريقي ديوسكورديس باستعمال الحبة السوداء لعلاج الكثير من الحالات مثل ألم الرأس واحتقان الأنف والديدان المعوية، كما استعملها الإغريق آنذاك لإدرار الحليب وتنظيم الطمث لدى النساء. أما أبقراط، ويعرف بأبي الطب،فقد عد الحبة السوداء وصفة طبية مهمة لعلاج أمراض الكبد والأمعاء،  واستعملها كمنشط في العديد من الحالات.

وفي العهد لإسلامي، تطورت المعرفة العلمية حولها إلى حد بعيد، نظراً للأهمية التي اكتسبتها هذه النبتة باعتبارها جزءً من الثقافة الطبية لدى المسلمين، فقد أوصى النبي محمد-صلى الله عليه وسلم- باستعمالها  وبيَن أهميتها في علاج الأمراض والمحافظة على صحة الجسم، ويظهر ذلك من خلال الحديث الصحيح الذي رواه خمسة من أشهر  رواة الحديث الشريف، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" " في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام". قال ابن شهاب: والسام الموت، والحبة السوداء الشونيز.


وقد أشار صاحب القانون في الطب، وهو الطبيب المشهور ابن سينا الملقب بالشيخ الرئيس، إلى الحبة السوداء  باعتبارها الحبة " التي تنشط طاقة الجسم وتعينه على الشفاء من الإجهاد والكآبة".وفي كتاب الطب النبوي، لصاحبه الإمام المحقق إبن قيم الجوزية، فقد أفاض المؤلف في ذكر العلاجات والاستطبابات المستفادة من الحبة السوداء والتي تشمل العديد من الأمراض الباطنية والجلدية.

أما في التراث الشعبي، فقد استخدمت الحبة السوداء وبشكل ناجع في علاج الكثير من الأمراض مثل أمراض الربو والتهاب الرئة والروماتيزم وأمراض الإلتهابات الشبيهة به، ولزيادة إدرار الحليب لدى المرضعات ولعلاج المشكلات الهضمية وتقوية المناعة وتحسين الهضم والإخراج ولمقاومة الأمراض المعوية التي تسببها الطفيليات. ونتيجة لهذه الإستخدامات المتعددة والمفيدة للحبة السوداء فقد أطلق عليها اسم

" حبة البركة" نظراً لفوائدها الجمة واعتقاداً ببركتها لما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم بشأنها.

وفي العقدين الأخيرين من الزمن، نشط البحث العلمي في التعرف على مكونات الحبة السوداء، إذ تمكن العلماء من فصل وتحديد المادة الفعالة فيها وهي مادة النيجلينNigellen أو النيجلونNigellon ، كما أدخلت هذه المادة وشبيهاتها المصنعة في الأدوية والعقاقير المستعملة في علاج مرض نقص المناعة "الأيدز" الناتج عن فيروس HIV . وفي عام 1993 استخدم أطباء مصريون الحبة السوداء في علاج الأطفال والبالغين المصابين بداء الربو أو الأزمة الصدرية.

ولم تقتصر استعمالات الحبة السوداء على الجانب الطبي والعلاجي فحسب، بل تعدتها إلى الإستعمالات الغذائية ، إذ تستخدم في تحضير العديد من الحلويات والمعجنات والمخبوزات، كما أنها تساعد على فتح الشهية وطرد الغازات من الأمعاء وتسهيل إدرار البول.

التركيب الكيماوي والتحليل التقريبي للحبة السوداء:

تنبع الفوائد الطبية والصحية للحبة السوداء من تركيبها الكيماوي الذي يمتاز بالتنوع والتركيز للعديد من العناصر الغذائية الأساسية، بالإضافة إلى المركبات الكيميائية المميزة لهذه الحبة. فقد أظهرت التحاليل الكيماوية للحبة السوداء احتواءها على المواد الفاعلة : الثايموكوينون، وهي مادة القلويدية، والنيجلون، وهي مبلمر كاربونيلي للثايموكوينون، والزيوت الثابتة. وقد توصل باحثون مصريون عام 1960 إلى إثبات أن المادة الفاعلة في الحبة السوداء وهي النجيلون أو الجيلين هي المسؤولة عن خاصية توسيع القصبات الهوائية .


وتتميز الحبة السوداء بتنوع وكثافة العناصر الغذائية فيها ، كالعناصر الغذائية الأساسية الكبرى، من البروتينات والسكريات والدهون، وكالصغرى من المعادن والفيتامينات. ويختلف التركيب الكيماوي والمحتوى الغذائي لحبة البركة تبعا لاختلاف دول المصدر،وهي في الغالب الهند وتركيا وسوريا، وذلك نتيجة لاختلاف ظروف ومناخات الإنتاج ودرجة النضج وظروف النمو والتخزين. وتدل دراسات التحليل التقريبي على احتواء الحبة السوداء على 21-21.6% بروتين، و35-40.6%  سكريات، 29.4-38% دهون، 4.5% رماد، 8.4% ألياف و 3.8- 5.5 % رطوبة، والطاقة 551.4 كيلو كالوري/100غم. كما دلت نتائج تحليل المعادن على احتواء الحبة السوداء على كميات من العناصر المعدنية: الحديد(105 ملغم)، النحاس( 18.4ملغم)، الصوديوم(496.0 ملغم)،البوتاسيوم(5257.0 ملغم)، الكالسيوم( 1859.0 ملغم)، الزنك(60.4 ملغم)، والفوسفور(5265.0 ملغم) لكل كغم من وزن المادة الجافة. أما محتوى الحبة السوداء من الفيتامينات فكان: ثيامين B1 (14.6ملغم)، نياسين B3 

(56.5ملغم)، بيرودوكسين B6 (6.6ملغم)، وحمض الفوليك Folic acid (614 ميكروغم / كغم من المادة الجافة).

وبالنظر إلى نتائج التحليل التقريبي والكيماوي للحبة السوداء، يتبين أن الحبة السوداء تعد مصدرا جيدا للدهون والبروتينات ولبعض العناصر المعدنية والفيتامينات، وخاصة الحديد والنحاس والفوسفور والكالسيوم والبوتاسيوم والزنك والثيامين والنياسين. وقد أشارت بعض دراسات تقييم نوعية البروتين للحبة السوداء إلى ارتفاع مستوى الجودة لها، مما يعني قدرة الجسم على الإستفادة من الأحماض الأمينية المتواجدة فيها في بناء الأنسجة وترميم التالف منها والقيام بالوظائف الحيوية والفسيولوجية. ويعتقد أن احتوائها على الحمض الأميني أرجنين، وهو الحمض الأميني الضروري لنمو الأطفال الرُضع، له دور مهم كذلك في توسيع القصبات الهوائية وتحسين حالة المصابين بمشكلات التنفس.


وتشير نتائج تحليل الدهون إلى احتواء الحبة السوداء بشكل رئيس على الحمض الدهني اللينولييك ، وهو من الأحماض الدهنية الأساسية التي لا يستطيع جسم الإنسان تصنيعها بداخله ويتعين الحصول عليه من مصادر غذائية، بالإضافة إلى حمض الأولييك أحادي اللاإشباع. ومن المعروف أن الأحماض الدهنية غير المشبعة ، كتلك الموجودة في الحبة السوداء، مفيدة لصحة الإنسان حيث تعمل على تخفيض محتوى الدم والكبد من   الكوليسترول.

وقد حظي الجزء الدهني من الحبة السوداء، وهو ما يعرف بزيت الحبة السوداء، باهتمام العلماء والباحثين، حيث يعزى الكثير من الخصائص العلاجية والاستطبابية للحبة السوداء إلى المادة الزيتية فيها. فقد أكد العلماء خاصية المقاومة للبكتيريا والفطريات ، كما توصلوا إلى قدرته على مقاومة النموات السرطانية، كما سيأتي ذكره لاحقا.

الفوائد الصحية لحبة البركة وزيتها و تأثيراتها على أجهزة الجسم:

تقوية الجهاز المناعي:

تفيد إحدى الدراسات العلمية التي أجريت على الحبة السوداء عام 1986 أنها تساعد على تقوية مناعة الجسم من خلال زيادة نشاط الخلايا القاتلة للأجسام الضارة(Natural Killer(NK) cells)   كذلك زيادة نسبة خلايا (تي) المناعية المساعدة على مقاومة الأجسام الضارة

(Helper T-cells)  إلى خلايا تي المثبطة   (Suppressor T-cells) بنسبة 72.0%، وقد خلصت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن الحبة السوداء يمكن أن تستعمل كمادة طبيعية لزيادة مقاومة الجسم ومن ثم فإنها يمكن ان تستعمل في العلاج والوقاية من أمراض السرطان ونقص المناعة المكتسبة (الأيدز) والأمراض الأخرى المرتبطة بضعف مناعة الجسم. وقد أكد هذه النتيجة بحث آخر أجري في عام 1993 في جامعة الملك فيصل .كما أجريت دراسة في عام 1997 أكدت قدرة الحبة السوداء على زيادة مستوى الخلايا (تي)المساعدة القاومة للأجسام الضارة(Helper T-cells) بنسبة 55% مقارنة مع خلايا تي المثبطة(Suppresser T-cells) ، وزيادة نشاط الخلايا القاتلة للأجسام الضارة(Natural Killer(NK) cells)  بنسبة 30%.


وبالربط بين هذه الحقائق العلمية والحديث الشريف أمكننا أن نفسر قدرة الحبة السوداء على شفاء الأمراض "شفاء من كل داء"-بإذن الله-، فالجهاز المناعي هو خط الدفاع الأول عن الجسم وهو المسؤول عن مقاومة الأمراض ومهاجمة الأجسام الضارة الداخلة إلى الجسم، ومن ثم فإن كل ما يساعد على تقوية هذا الجهاز وزيادة فاعليته فإنه بذلك يساعد على مقاومة الأمراض والشفاء منها، وهو مانجده في الحبة السوداء.

النشاط المقاوم للهستامين:

الهستامين مادة كيماوية تفرز من خلايا الجسم وتعمل كمادة وسيطة في تفاعلات الحساسية في جسم الإنسان. في عام 1960تم فصل وتحديد المادة الفاعلة نيجلون، وتم إعطاؤها لمرضى الأزمة الرئوية(الربو) مما أدى إلى الحدِ من أعراض المرض الناتجة عن التحسس الرئوي عند جميع المرضى المشاركين في الدراسة.كما تم في دراسة أخرى إعطاء مادة النيجلون البلورية إلى الأطفال المصابين بالربو وأدى ذلك إلى حصول نتائج إيجابية أكدت نتائج الدراسة الأولى. وقد فسرت النتائج فيما بعد بقدرة النيجلون على منع وتثبيط بروتين الكاينيز سيProtein kinase C ، وهو البروتين المسؤول عن إفراز مادة الهستامين. وأفادت الدراسة ان المرضى المصابين بالربو وغيرها من أمراض التحسس يمكنهم الاستفادة من مادة النيجلون البلورية في علاج وتخفيف هذا المرض.

النشاط المضاد للسرطان:

تم خلال دراسة أجريت عام 1991 إعطاء جرذان من نوع ألبينو جرعات من المادة الفاعلة في الحبة السوداء بغية معرفة تأثيرها على منع نمو الخلايا السرطانية من نوع Ehrlich ascites carcinoma(EAC) وخلايا سرطانية من نوع Dalton's lymphoma ascites(DLA) . ودلت نتائج الدراسة على قدرة المادة الفاعلة على منع وتثبيط نمو الخلايا السرطانية من نوع ECA بنسبة 100%، بينما كانت قدرتها على منع الخلايا السرطانية من نوع DLA بنسبة 50 %. وخلص الباحثون إلى نتيجة مفادها أن المادة الفاعلة في الحبة السوداء لها القدرة على منع نمو الخلايا السرطانية ، وان هذا التأثير يعزى كذلك إلى الأحماض الدهنية طويلة السلسلة الكربونية المتواجدة في دهن الحبة السوداء .


النشاط المضاد للبكتيريا:

نشرت دراسة في المجلة الباكستانية للصيدلة عام 1989 حول تأثير زيت الحبة السوداء المضاد للفطريات. وفي عام 1992، نشرت دراسة أجرت في جامعة دكا/بنغلادش تم فيها مقارنة تأثير زيت الحبة السوداء المضاد للبكتيريا مع أنواع من المضادات الحيوية شائعة الاستعمال، مثل: أمبيسيللين، تتراسيكلين، جنتاميسين، كونتريموكسازول، وحمض الناليديكسيك. وتبين من خلال الدراسة أن زيت الحبة اسوداء كان أكثر كفاءة ،بالمقارنة مع المضادات الحيوية الأخرى، في منع نمو أنواع البكتيريا المدروسة، ومنها: بكتيريا الكوليراV.Cholera، والإيشيريشية القولونية  E.Coli وجميع أنواع بكتيريا الشيجيلاShigella spp. .ومن الأدلة العملية على قدرة زيت الحبة السوداء على مقاومة أنواع البكتيريا استعماله الشائع في حالات التقيؤ والإسهال الناتج غالبا عن الإصابة البكتيرية المرتبطة بالتسمم الغذائي.

التأثير المضاد للإلتهابات:

عرفت الحبة السوداء بقدرتها على مقاومة الالتهابات من خلال قدرتها على التخفيف من حدة أمراض الروماتيزم وغيرها من أمراض الالتهابات. ففي عام 1995 أجريت دراسة في كلية الصيدلة/ جامعة لندن لدراسة تأثير زيت حبة البركة والمادة القلويدية ،الثايموكوينون، المشتقة منها لمعالجة الإلتهابات، وقد تبين من خلال الدراسة أن الزيت والمادة المشتقة منه هما المسؤولان عن التأثير المضاد للإلتهابات ، واستنتجت الدراسة ان أحد الأحماض الدهنية طويل السلسلة الكربونية وعديد اللاإشباع هو المسؤول عن زيادة التأثير المضاد للإلتهابات.وفي دراسة أخرى أجريت في جامعة الملك سعود/الرياض عام 1997، تبين أن اسعمال زيت الحبة السوداء كمرهم للاستعمال الخارجي كان له أثر كبير في مقاومة الالتهابات ، لا يقل أهمية عن المراهم الأخرى المستعملة على النطاق التجاري.


تحفيز إدرار الحليب:

أظهرت دراسة أجريت عام 1979 أن لحبة البركة القدرة على زيادة إفراز الحليب لدى الأمهات المرضعات، وقد أكدت هذه النتيجة دراسة أخرى أجريت عام 1989 ، وتبين من خلالها أن قدرة الحبة السوداء على زيادة إدرار الحليب تعزى إلى عاملين مشتركين هما تأثير الجزء الدهني لحبة البركة والمركبات الهرمونية الموجودة فيها .

ولا بد من الإشارة إلى أن التأثيرات الإيجابية على الصحة والمترتبة على استعمال الحبة السوداء تعتمد فقط على الاستعمال الدائم وطويل الأمد لهذه النبتة ، وأنه لا يمكن تحصيل هذه الفوائد في حال استعمالها لفترات محدودة ومتقطعة  ، كما اشارت إلى ذلك معظم الدراسات، وهذا ما يمكن أن نؤكده من خلال النظر إلى صيغ أخرى من الحديث الشريف أكدت على معنى الديمومة والاستمرار، ففي رواية للترمذي وابن ماجة وأحمد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"عليكم بهذه الحبة السوداء، فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام". فكلمة" عليكم" تفيد هذا المعنى الذي أشرنا إليه، وهو ما أكدته البحوث والدراسات العلمية التي أجريت مؤخرا.

وأخيرا، فإنه من خلال هذا الاستعراض السريع والموجز للبحوث العلمية التي أجريت على الحبة السوداء يتبين لنا صدق النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم ،والذي أشار إلى قيمة وفائدة هذه النبتة المباركة قبل خمسة عشر قرنا، وهذا دليل آخر على أن هذا لدين ما هو إلا من لدن عزيز حكيم ،عليم بأسرار وخفايا خلقه وصنعه"ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"، وصدق الله العظيم إذ يقول:

" سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق، او لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد".فصلت:53.

ملاحظة : اعتمدت في كتابة هذا المقال بشكل رئيسي على المقال المنشور على شبكة الإنترنت:

1-Black seeds

http://www.members.aol.com/TheMuslimWoman/BlackSeeds

2-Hamed R H Takruri and Majdoleen A F Dameh. Study of the Nutritional Value of Black Cumin Seeds (Nigella Sativa L).

J Sci Food Agri 1998,76:404-410.

3- إبن قيم الجوزية، الطب النبوي.دار التراث، القاهرة، الطبعة الأولى، آب 1978.

4- إبن سينا، القانون في الطب. مؤسسفة المعارف، بيروت، 1986.

5- البخاري، الصحيح الجامع، كتاب الطب، باب الحبة السوداء،دار إحياء التراث العربي، بيروت.

 

إقرأ 37298 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 25 أيلول/سبتمبر 2012 08:32

من أحدث د. معز الإسلام فارس