المقالات

طباعة

مبدع أم مبتدع ؟؟

Posted in المجتمع

creativeحين نستعرض العلوم الحديثة (المادية بشكل خاص) نلاحظ غياب الأسماء والاسهامات العربية والإسلامية عنها (إلا فيما ندر) ، وحتى إذا وجدنا اسهامات فهى فى الغالب مستندة أو متطفلة على الاسهامات والأسماء الغربية ومحتمية بها وباحثة عن مصداقيتها من خلال الاستدلال بها .

 

 

ولو توقف الأمر عند العلوم المادية الحديثة لهان الأمر بعض الشىء فالغربيون قد أعطوا الدنيا والمادة كل اهتمامهم ، ولا غرابة إذا برعوا فيها ، ولكن الأمر تجاوز ذلك الحد حتى وصل إلى تفوقهم وتقهقرنا ، وابداعهم المستمر وتطفلنا المستمر فى مجال العلوم الانسانية التى كان من المفروض أن يتفوق فيها العرب والمسلمون نظراً لما لديهم من كنوز دينية وتاريخية تثرى هذا المجال كأعلى ما يكون الثراء .

ورغم انتشار جامعاتنا ومعاهد أبحاثنا وبعثاتنا الخارجية والداخلية إلا أن بحوثنا مازالت تابعة ومقلدة فى أغلبها واصبحنا فى موقف المتلقى السلبى وليس المتلقى الايجابى (راجع رسائل الماجستير والدكتوراه وأبحاث الجامعيين الملقاة على أرفف المكتبات بجامعتنا ومعاهد أبحاثنا) . وأصبح محظوراً (أو شبه محظور) على عالم عربى أو مسلم أن يعلن رأياً أو يضع نظرية أصلية مستقلة تمثل بيئته وفكره الإسلامى وحركة تاريخه ، إلا أن يكون مستأنساً ومستنداً إلى آراء ونظريات غربية مشابهة يعتبرها جذوراً لرأيه أو نظريته .

والذين مروا بتجربة عمل رسائل جامعية (ماجستير أو دكتوراه) كانوا يحسون ميل المشرف (أو المشرفين) لأن تكون نتائجهم قريبة من نتائج الدراسات الغربية المشابهة ، وأحيانا يضطر الباحث إلى لوى عنق النتائج لتحقق هذا الغرض وتقبل الرسالة . وكانت النتيجة أننا فقدنا الكثير من أصالتنا وقدراتنا الابداعية الفطرية التى منحها الله لنا ولكل الناس فى كل زمان ومكان ، وأصبحنا مجرد متلقين سلبيين وحفاظاً للعلوم الغربية (المادية والإنسانية على حد سواء) .

وقد نشر أخيراً ( 2003 م ) أنه قد تم تسجيل 640 براءة اختراع فى اسرائيل (حوالى ثلاثة ملايين نسمة) فى العام الماضى فى حين تم تسجيل 24 براءة اختراع فقط فى نفس العام فى العالم العربى كله (280 مليون نسمة) . وهذه الأرقام ربما تشير إلى حجم المشكلة (المأساة) بشكل يستدعى القلق وإعادة النظر فى طرق التربية فى بيوتنا والتدريس فى مدارسنا ، وتجعلنا نتساءل : ما الذى أدى بنا إلى هذا الوضع؟ … هل نحن نوع خاص من البشر لا يملك قدرات ابداعية ، ولذلك ليس أمامنا إلا التطفل على ابداع غيرنا ؟ …بالطبع هذا قول غير صحيح من الناحية العلمية والواقعية …حيث أن الابداع طاقة فطرية موجودة فى كل الشعوب والأجناس ولكنها تحتاج إلى وسط مناسب يفرح بكل ابداع ويرعاه ويتبناه وينميه حتى يحدث التراكم الإبداعى الذى يجدد الحياة ويجعل لها معنى ومذاق متجدد .

 

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed