المقالات

طباعة

الصواريخ الفلسطينية قوة الضعف وضعف القوة

Posted in المجتمع

إذن فالصواريخ ومن قبلها العمليات الإستشهادية تلعب على هذا الوتر النفسي المؤثر والحساس لدي الشخصية الإسرائيلية , ومن هنا نلحظ أن إطلاق الصواريخ يتم على فترات زمنية متفرقة وغير منتظمة , وتطلق بأعداد ليست كبيرة , وفي أماكن متفرقة , كي يشعر المستوطن الإسرائيلي أن ثمة خطر يلاحقه لا يعرف له زمانا أو مكانا , ولكنه قادم قادم .

والمقاومة الفلسطينية محاصرة من إسرائيل ومحاصرة من العرب ومحاصرة من العالم كله , وفي هذه الظروف الصعبة عليها أن تواصل كفاحها الشريف والمشروع (طبقا لكل الأعراف والقوانين الدولية) من أجل التحرر , لذلك فهي تبحث عن أية وسيلة تمكنها من كسر ذلك الحصار ومن كسر غطرسة العدو المتجبر والمتسلح بأحدث أنواع الأسلحة , وهذا يعطيها حقا مشروعا للدفاع عن نفسها وللبحث عن طرق حريتها واستقلالها مهما كلفها ذلك من خسائر . ولا توجد وسيلة مقاومة يرضى عنها المحتل أو يتسامح معها كما يظن المهزومون نفسيا . كما أن المقاومة تؤمن بالآية الكريمة : "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرون من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم" , أي أن إعداد المستطاع من القوة هو المطلوب لتحقيق النصر , وأن هذا الإعداد كفيل بتحقيق الرعب لدى العدو الظاهر والأعداء المختبئين هنا وهناك . وفي وقت من الأوقات كانت العمليات الإستشهادية تشكل سببا للهلع لدي الإسرائيليين حيث اقتحمت عليهم عقر دارهم في الحافلات والمسارح والأسواق , وهاهي الآن الصواريخ البدائية البسيطة تحقق هذا الرعب للمستوطن المحتل أينما حل .

والصواريخ ليست فقط لدى حماس وإنما لدى كل الفصائل الفلسطينية , فحماس صنعت محليا صاروخ "القسام" ووصل مدى قسام 3 إلى عشرة كيلومترات , أما المقاومة الشعبية فقد صنعت صاروخا أطلقت عليه "ناصر" ومداه تسعة كيلومترات , وكتائب الأقصى التابعة لحركة فتح صنعت صاروخان أحدهما "الأقصى" والآخر "الياسر" ومداهما حوالي خمسة عشر كيلو مترا , والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين صنعت صاروخا أسمته "الصمود" ومداه سبعة كيلومترات . والملاحظ أن هذه الصواريخ يتم تصنيعها داخل الأراضي الفلسطينية من مواد بسيطة عبارة عن مبيدات زراعية وسكر ومواد كيميائية متوافرة محليا , ويتم التصنيع في ورش الحدادة على أيدي أشخاص مدربين , وهذه الورش منتشرة في كل مكان وسط الأحياء السكنية وتحت الأرض , ويتم تطوير الصواريخ بشكل سريع نسبيا حيث كان أقصى مدى للصواريخ الأولى حوالي ثلاثة كيلو مترات , والآن وصلت إلى خمسة عشر كيلو مترا وستزيد في المستقبل . وأخطر أنواع الصواريخ المملوكة للمقاومة حاليا هي نوع "جراد" وهو صاروخ روسي الصنع يتم تهريبه إلى غزة من الخارج , ومداه من عشرين إلى ستين كيلو مترا إي أنه يصل إلى الكثير من المدن الإسرائيلية , وبه إمكانات التصويب الدقيقة لإصابة الهدف , وتحتفظ به المقاومة لأوقات الشدة حين تريد أن ترسل رسالة قاسية إلى إسرائيل .

إذن فإسرائيل على الرغم من امتلاكها لترسانة عسكرية ضخمة إلا أن لديها نقاط ضعف خطيرة تستغلها المقاومة التي لا تمتلك إلا أسلحة بدائية , وهذه فكرة "ضعف القوة وقوة الضعف" التي تستند إليها كل قوى المقاومة عبر التاريخ , فالمقاومة تمتلك سلاح الإستشهاديين الذي أزعج المحتلين وأقض مضاجعهم , وتمتلك الآن سلاح الصواريخ الذي يمكنها من ضرب الكثير من المواقع والمستوطنات في أي لحظة , ومهما فعلت إسرائيل ومهما قامت به من مجازر فلن تستطيع إيقاف هذين السلاحين , والنتيجة هي الوصول إلى حالة من توازن الرعب بين الطرفين , ومن يصمد أكثر سيكسب المعركة . والمتوقع أن تصمد المقاومة حيث لا توجد لديها خيارات أخرى خاصة بعد فشل كل محاولات الحل السلمي , وبعد التأكد من مراوغات إسرائيل وسعيها ونجاحها في شق الصف الفلسطيني تحت ذريعة عملية السلام والمفاوضات والتي استقطبت من خلالها بعض فصائل الفلسطينيين وحرضتهم واستخدمتهم ضد الفصائل المقاومة .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed