المقالات

طباعة

قبل أن يُقال: اذكروا مآسن موتاكم!

Posted in الثقافة


وقد جاءت وفاة الراحل (حلمي سالم) لتؤكد هذا المعنى، فبدلًا من التركيز على نعيِ الرجل والدعاء له بالمغفرة؛ يتحرَّى الكثير اجترار خصومته مع الإسلاميين، ذاهبينَ في التنديد بهم كلَّ مذهبٍ، حتَّى أنِّي خشيتُ أن يقول أحدهم: إنَّ سرطان الرئة الذي مات به الراحل مرضٌ إسلاميّ إرهابيّ!!
الرجل أفضى إلى ما قدَّم، ونسأل الله له المغفرة والجنان، ونرجو أن يكون قد خُتم له بالخير في هذا الشهر الكريمِ، ولكن أخشى ما أخشاه على هؤلاء المثقفين أن تتحوَّل كل طاقاتهم – مع الوقت – لتصبَّ في مستنقعٍ آسنٍ من الشتائم والاتهامات التي لا تليق بمن يتزيَّا بزي الثقافة، تمامًا كما استهلك الراحل (حلمي سالم) طاقاته الإبداعية التي كان يمكن أن تُخرج لنا أفضل من ليلى مراد وشُرفتها التي تردَّى إليها من سماءٍ كانت أدواته تؤهله لأن يرتقيها، ولكنه أبى إلا أن يسير على درب شائكٍ لا يضيفُ فِكرًا ولا يُنير طريقًا؛ في تحدٍّ ليس له هدفٌ إلا التحرُّش الفكري وإثارة المعارك الأيدلوجية.

هل من الجميل أن يسأل سائل عن سبب العداوة التي يجترُّ البعض الآن ذكراها بين الإسلاميين و(حلمي سالم) فيقال:
«الرب ليس شرطيًّا حتى يمسك الجناة من قفاهم،إنما هو قروىٌّ يزغط البط،ويجس ضرع البقرة بأصابعه صائحا:وافرٌ هذا اللبن!!الجناة أحرار لأنهم امتحاننا الذى يضعه الرب آخر كلّ فصلٍ قبل أن يؤلف سورة البقرة»؟!

دعك من أنَّ هذا ليس شعرًا، ولكنَّ حداثيينا يُصرُّون على أنَّه شعرٌ، ولسان حالهم: (عنزةٌ وإن طارت)، ودعكَ من (كومة النهود ) التي يمتلئ بها النصّ فيما لم أذكره، ودعكَ من التناصِّ مع (عُكشة) في مسألة تزغيط البطّ؛ دعكَ من كلِّ هذا العكِّ: هل يرضى أحدهم أن يُكتبَ هذا النصُّ على شاهد قبر الراحل؟ أم ستبادرون بالقول: اذكروا محاسن موتاكم؟!

القضيَّةُ برمَّتها تستدعي مُجدَّدًا أزمة الفكر اليساري والليبرالي الذي سيطر لحقبةٍ طويلةٍ على المشهد الثقافي المصري، وآنَ له أن يُراجِع أداءه، وإلا فعصا سليمان التي يتكئُ عليها موشكةٌ على الاهتراء، لا بسببِ عداوة الإسلاميين وتضييقهم، ولكن لأنَّ الزَّبدَ يذهبُ جُفاءً ولابدّ.

المصدر : www.saaid.net

 

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed