المقالات

طباعة

المعايشة التربوية

Posted in الثقافة

أولها ملامة ، وأوسطها ندامة ، وآخرها خزي يوم القيامة » [4] . ويقول- صلى الله عليه وسلم- أيضاً : « ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته ؛ إلا حرم الله عليه الجنة » [5] ، ويقول- صلى الله عليه وسلم- أيضاً : « كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته ... » [6] ويقول- صلى الله عليه وسلم- أيضاً : « ما من أمير عشرة إلا وهو يؤتى به يوم القيامة مغلولاً حتى يفكه العدل ، أو يوبقه الجور » [7] .

إن هذه النصوص لتدفع كل مربِّ صادق إلى الاجتهاد فيمن يربيهم ، والنصح لهم ، والسعي الجاد في برهم والإحسان إليهم ، وإن تطبيق هذا المفهوم التربوي في الواقع لهو سبيل لتحقيق تلك الأمور المنشودة .

3- المربي الأول- صلى الله عليه وسلم- والمعايشة : يقول- صلى الله عليه وسلم- : « المؤمن الذي يخالط الناس ، ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ، ولا يصبر على أذاهم » [8] .

لقد كان للنبي- صلى الله عليه وسلم- أوفر الحظ والنصيب من هذا الحديث ، وكان الرائد في هذا المجال ؛ فقد بُعِثَ معلماً،يتوفر لطلابه في معظم أحيانه ، فهم يجدونه في المسجد،فإن لم يكن ففي السوق أو الطريق،فإن لم يكن ذهبوا إلى بيته،وكان- صلى الله عليه وسلم- يستقبلهم ويعلمهم ويجيب عن أسئلتهم ، ولم يكن من عادته حجب الناس عنه أو ردهم بل كان يستقبلهم ، ويبتسم لهم دائماً .

عن جرير بن عبدالله البجلي- رضي الله عنه- قال : « ما حجبني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- منذ أسلمت ، ولا رآني إلا ابتسم في وجهي » [9] .

وكان- صلى الله عليه وسلم- يعتمد اعتماداً كبيراً على هذه الخاصية ( المعايشة ) في الاتصال بالمدعوين والمتربين ، والتعرف عليهم والتقرب إليهم ، والتأثير فيهم . فهو يعرف أسماءهم ، وبعض خصائصهم ، وأسماء قبائلهم،وتاريخ تلك القبائل،وأسماء بلدانهم،وخصائص تلك البلدان،ويعرف مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

هذا فيما يتعلق بالأبعدين والمستجدين،أما أصحابه ممن حوله،والمقربون منه ، فيعرف كل شيء عنهم تقريباً ، حاجتَهم واستكفاءَهم ، مرضهم وصحتهم ، سفرهم وإقامتهم ، ويعرف مستوياتهم الإيمانية والعقلية والنفسية ، ويعرف قدراتهم وحظوظهم في المجالات التربوية والقيادية والمالية والحكمية والدعوية ، ويتحدث مع كلٍ بما يناسبه ، ويكلف كلاً منهم وفق خصائصه وقدراته .

عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : « أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقضاهم علي بن أبي طالب ، وأقرؤهم لكتاب الله أُبَيُّ بن كعب ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، ألا وإن لكل أمة أميناً وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن الجراح » [10] .

4- فوائد المعايشة : للمعايشة فوائد كثيرة يجنيها المربي متى ما طبق هذا المفهوم على أرض الواقع ، ولعلنا نشير إلى أهم هذه الفوائد والثمار .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed