المقالات

طباعة

الاعلام وحقوق الانسان

Posted in الثقافة


اولا: خطر تدخل السلطة في عمل الاعلام ورسالته المقدسة، ما حد بشكل كبير من حرية الاعلام، لان السلطة لا تفرح ابدا الا اذا مدحها الاعلام فقط او تهجم على خصومها، اما اذا كشف عن فسادها او تعرض لفشلها فان ذلك بمثابة فتح النار عليها، مهما كان النقد او التعرض هذا بسيطا، الا انه في حسابات السلطة كبير جدا، ولذلك فعندما سئل صحفي يمني في زمن دولة (الامامة) عن حال الاعلام في بلاده، قال: انه على نوعين، الاول في مدح الامام والثاني في ذم مناوئيه، وهذا هو الحال الذي تتمنى السلطة، اية سلطة، ان يصل اليه الاعلام في البلاد، وربما العراق واحد منها، اذ لا زال الاعلام يتعرض للاهانة والاعتداء على يد حمايات المسؤولين، ولا زالت المعلومة سرية في العراق لا يطلع عليها الاعلام لينقلها الى الراي العام، ولا زال الاعلام محظور عليه التعرض الى الفساد المالي والاداري المرعب الذي انتشر في كل مؤسسات الدولة بدءا من اعلى مسؤول الى ابسط موظف.
ان الفرق بين اعلام السلطة والاعلام الحر يكمن في هذه النقطة تحديدا، فبينما يبذل اعلام السلطة كل ما بوسعه ويستفرغ كل طاقته من اجل الحديث عن انجازات السلطة حتى اذا كانت وهمية او مستقبلية، كالعصافير العشرة التي على الشجرة، من دون ان يتعرض الى فشلها او اخفاقاتها او عجزها، يسعى الاعلام الحر الى تقييم الانجازات من جانب، والحديث عن الفشل من جانب آخر، ولان المواطن في العراق مل من ابواق السلطة التي تطبل وتزمر لانجازات لم يلمسها ابدا، لذلك فهو يبحث عن الاعلام الحر الذي يحلل له اسباب الفشل وقد يقرا فيه حلولا لها، اما اذا لم يجد مثل هذا الاعلام في وسائل الاعلام الوطنية، فانه يلجا، والحال هذه، الى الاعلام المعادي الذي يدس السم في العسل، ولذلك نجد ان اعلام (العربان) اكثر تاثيرا من الاعلام الوطني في الراي العام العراقي وللاسف الشديد.
ثانيا: خطر تهديدات الارهابيين والظلاميين الذين يرسمون الخطوط الحمراء للاعلام كيف ما يشاؤون، فيمنعون هذا الراي وينعتون الاخر بالمروق عن الدين مثلا ويعتدون على الثالث بعد ان يصدروا ضده حكما غيابيا بتهمة التعدي على الذات المقدسة لهذا الزعيم الرمز او ذاك القائد الضرورة.
انه خطر التحجر والتطرف والتزمت الذي يزيد مساحات اللامفكر فيه اتساعا يوما بعد آخر، فيما نعرف جيدا بان حرية التعبير هي احد اهم وابرز تجليات الاعلام الحر، فاذا كان المثقف او المفكر او الباحث محضور عليه ولوج المناطق اللامفكر فيها بسبب هذا النوع من الارهاب، فكيف، يا ترى، سيفكر المواطن بحرية؟ ومن اين سيحصل على المعلومة الصحيحة ليبني عليها موقفه الصحيح والسليم؟ واين سيقرا مختلف الاراء ليقف عند اصوبها واحسنها وافضلها؟ او لم يقل القران الكريم {الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه، اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب} فكيف سيتبع المواطن احسن القول اذا لم يسمع مختلف الاقوال والاراء اولا؟.
اما بالنسبة الى الرقابة على الاعلام، فالضمير اول المراقبين، اما اذا غاب في الوعي والاداء فان الاعلام سيتحول اما الى بوق للحاكم ليريح نفسه من الرقابة او ان يتحول الى بائع ضمير يبيع نفسه لمن يدفع اكثر، فقد يتحول الى بوق للدعاية المضادة اذا مات ضميره، ولذلك فان ضمير الاعلام هو افضل رقيب، لانه رقابة ذاتية وطوعية، تتحكم باتجاهاته لتحقيق الصالح العام فقط.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed